(1)
النميمة ميل في النفس ل «التفوه» بالكلام السيئ. أما النمام فهو الذي يرد على السؤال (التالي) «من هو هذا أو ذاك؟» على طريقة النسابين فيقول: (2)
سأبدأ أولا بالكلام عن أصله. لقد كان أبوه في الأصل يسمى سوسياس، وعندما دخل الجيش أطلق عليه اسم سوسيستراتوس، وبعد التسجيل في قائمة المواطنين وفي الديمة التابع لها سمي سويديموس. بيد أن أمه نبيلة ثراقية؛ فهذه السيدة تحمل على الأقل اسم كرينوكوراكا. ويقال إن المرأة التي يطلق عليها هذا الاسم تكون في بلادها من أصل نبيل. أما الرجل نفسه، كما هي العادة في مثل هذا النسب، فهو رجل خائب، وإنسان سيئ الخلق. (3)
وهو بطبعه السيئ يقول لأحد الناس: «إنني أعرف هذا معرفة كافية، ولن يمكنك أن تؤثر على رأيي فيه.» ثم يمضي في ذكر التفاصيل قائلا: «إن النساء من هذا النوع يسحبن الرجال من الطريق عند مرورهم أمام الباب، وفي هذا البيت تجدهن دائما رافعات أفخاذهن! ليست هذه نكتة كما يقال، ولكنهن يمارسن هذا كما تمارسه الكلاب في الشارع. وإنهن، باختصار، فخاخ «منصوبة» للرجال، ويجلسن بالقرب من باب البيت لكي يلبين الطلبات.» (4)
وإذا وجد أناسا يغتابون غيرهم، انضم إليهم بطبيعة الحال قائلا: ولكنني أكره هذا الإنسان أكثر من أي إنسان آخر. إن منظره نفسه يجعله شخصا منفرا، كما أن حقارته لا نظير لها. والدليل على هذا أن زوجته التي أحضرت له مع جهاز العرس عددا من «التالنتات» لا تأخذ منه منذ أن ولدت له ابنا «سوى ثلاث» دراخمات «لنفقات» الطعام، كما أنه يفرض عليها أن تستحم بالماء البارد يوم الاحتفال بعيد بوزيدون (الذي يحل عادة في عز الشتاء)! (5)
وعندما يكون جالسا مع غيره، فمن عادته أن يتكلم عن شخص غادر المجلس لتوه. وإذا شرع في كلامه عنه لم يستطع أن يتوقف، ولا أن يمسك (لسانه) حتى عن اغتياب أقاربه. (6)
وهو في الغالب ينم على أقاربه هو نفسه وأصدقائه، بل ينم على الأموات أيضا. أما النميمة فيسميها «الكلام الصريح»، والديمقراطية، والحرية، ويرى أنها أعظم متعة في الحياة.
الفصل التاسع والعشرون
الفاسد
(1) «الفساد» هو النزوع إلى الشر. أما «المفسد» فهو الذي: (2) يتعامل مع أناس خسروا قضاياهم (في المحاكم) أو ثبتت إدانتهم (في جرائم معينة)، ويتصور أنه سيصبح بذلك أكثر (3) ويقول أمام «جمع» من الطيبين إنه لا يوجد إنسان يولد طيبا بالفطرة، وإن جميع الناس في هذا متساوون. أما القول بأن فلانا طيب، فإنه يعتبر أن «هذه الطيبة» عيب يؤخذ عليه، «أو أن القول بهذا شيء مضحك». (4) وهو يصف الفاسد (أو المجرم) بأنه إنسان حر ومستقل، وذلك إذا اختبرناه (ونظرنا إليه نظرة منصفة)، كما يعترف بأن الكثير مما يقال عنه يمكن بوجه عام أن يكون حقيقيا، ولكن لا بد له أن يعارض بعض ما يقال عنه؛ ففي رأيه أنه بطبيعته طيب «أو موهوب»، وأنه صديق وفي وذكي، ثم يقف في صفه مؤكدا أنه لم يعرف إنسانا يفوقه «كفاءة» واستقامة. (4أ) وهو يساند المتهم الذي يتكلم (أو يدافع عن نفسه) في المجلس الشعبي، أو الذي يقف (في قضية) أمام المحكمة، ومن عادته أن يقول للقضاة (أو المحلفين) إنه ينبغي عليهم ألا يحكموا على الرجل بل على القضية، كما يقول «عن المتهم» إنه هو الكلب الوفي للعشب؛ لأنه يضع عينه على الأشرار «والمجرمين». ثم يقول: لن نجد أحدا يحرص على الصالح العام لو استبعدنا أمثال هذا الرجل، «أو لم نقدرهم حق قدرهم». (5) ومن عادته بطبيعة الحال أن يؤازر الأشخاص المنحطين (الفاسدين)، وأن يظهر أمام القضاء كمحام في قضايا مشبوهة. وإذا تولى هو نفسه مهمة القاضي، فإنه يأخذ عبارات الأطراف المتنازعة على أسوأ معنى.
अज्ञात पृष्ठ