يعرف المراهقون الثنائيو الثقافة أن الآخرين على دراية بكلتا لغتيهم وثقافتيهم، وأنهم سيفهمونهم عندما يخلطون الثقافتين معا في تصرفاتهم أو فيما يقولونه. يعتز الأشخاص الثنائيو الثقافة بمثل هذه اللحظات كثيرا؛ إذ يستطيعون فيها الاسترخاء وعدم القلق بشأن التعبير عن الأمور على نحو صحيح في كل مرة يتحدثون فيها. يقول ثنائيو اللغة والثقافة دوما إن أصدقاءهم المقربين (أو شركاء «أحلامهم») هم أشخاص أمثالهم، يستطيعون الشعور بالراحة الكاملة معهم في التنقل بين لغاتهم وثقافاتهم. (3) هوية الأشخاص الثنائيي الثقافة
يتعلق أحد الجوانب المهمة في الثنائية الثقافية بالهوية التي يقرر ثنائيو الثقافة أن تكون لهم. تتمثل أزمتهم في أن الأعضاء الأحاديي الثقافة في ثقافاتهم المختلفة يريدون أن يعرفوا ما إذا كانوا ينتمون إلى الثقافة «أ» أم الثقافة «ب» أم إلى ثقافة جديدة، بينما يريد الأشخاص الثنائيو الثقافة أن يتقبلهم الآخرون، سواء أكان على نحو واع أم غير واع، كما هم؛ أعضاء في ثقافتين أو أكثر. إلا أن الوصول إلى مرحلة أن يقول المرء: «أنا ثنائي الثقافة، أنتمي إلى الثقافة «أ» والثقافة «ب».» يأخذ وقتا طويلا، وأحيانا لا يحدث أبدا.
7
لماذا؟ إنها عملية ثنائية تضم الطريقة التي يصنف بها المرء من قبل أعضاء الثقافات التي ينتمي إليها، والطريقة التي يصنف بها المرء نفسه. يضع آخرون في اعتبارهم درجة قرابة المرء، واللغات التي يتحدث بها ودرجة إجادته لها، ومظهره الخارجي، وجنسيته، وتعليمه، ومواقفه، إلى آخره؛ وتكون النتيجة أن المرء عادة ما يصنف في كل ثقافة ينتمي إليها؛ فيحكم عليه أصدقاؤه ومعارفه وغيرهم بأنه ينتمي إلى الثقافة «أ» أو «ب»، لكن نادرا ما يحكمون بأنه ينتمي إلى الاثنتين معا. ثمة مشكلة أخرى تتمثل في أن أعضاء الثقافة «أ» قد يصنفون المرء بأنه ينتمي إلى الثقافة «ب»، والعكس صحيح، وهو نوع من التصنيف المزدوج المتناقض. يمكن رؤية أمثلة على هذا بين شباب الجيل الثاني من المهاجرين في أوروبا في عصرنا الحالي؛ فيصنف الذين ظلوا في الوطن الأم المهاجرين على أنهم غربيون أو أوروبيون، بينما يراهم كثير من المواطنين في «الدول المضيفة» على أنهم ينتمون إلى ثقافة آبائهم الأصلية؛ على سبيل المثال: يشعر عادة الشباب الوافدون من شمال أفريقيا الموجودون في فرنسا، بأنهم منبوذون من كل من دولة آبائهم والدولة التي ولدوا فيها (فرنسا)؛ فعندما يعودون إلى الجزائر أو تونس أو المغرب، يعاملون على أنهم أجانب لديهم أفكار متطرفة وأخلاق غربية، ومع ذلك يعاملون في فرنسا على أنهم أجانب من العرب وعادة ما يتعرضون للاضطهاد؛ فتتعرض أوراق إثبات هويتهم للفحص باستمرار، وعادة ما تسيء الشرطة معاملتهم، ويهددون أحيانا بالترحيل.
عندما يواجه الأشخاص الثنائيو الثقافة بمثل هذه الرؤى المتعارضة أحيانا، يتحتم عليهم الوصول إلى قرار بشأن هويتهم الثقافية؛ فيضعون في اعتبارهم الثقافات التي ينتمون إليها ونظرتها إليهم، بالإضافة إلى عوامل أخرى مثل: تاريخهم الشخصي، واحتياجات هويتهم، ومعرفتهم باللغات والثقافات ذات الصلة، والدولة التي يعيشون فيها، والمجموعات التي ينتمون إليها. وتكون النتيجة، بعد عملية طويلة وأحيانا شاقة، الارتباط فقط بالثقافة «أ»، أو بالثقافة «ب»، أو لا بالثقافة «أ» ولا بالثقافة «ب»، أو مع الثقافتين «أ» و«ب» معا.
8
عادة ما تكون الحلول الثلاثة الأولى غير مرضية على المدى الطويل، حتى إن كانت تمثل حلولا مؤقتة؛ فهي لا تعكس فعليا شخصية الثنائي الثقافة التي تنبع من ثقافتين، وربما تكون لها نتائج سلبية فيما بعد؛ فالذين يختارون الارتباط بثقافة واحدة فقط (سواء أكان بحرية أم يجبرون عليه)، يبتعدون فعليا عن إحدى ثقافتيهم، وربما يشعرون فيما بعد بعدم الرضا عن هذا القرار. أما الذين يرفضون كلتا الثقافتين، فإنهم عادة ما يشعرون بأنهم مهمشون أو مترددون بشأن حياتهم. ومن ثم ظهرت المصطلحات والتعبيرات الكثيرة التي تصف المهاجرين وغيرهم من الأشخاص الثنائيي الثقافة ، مثل: «أشخاص منتزعين من جذورهم»، و«لا جذور لهم»، و«هجن»، و«لا ينتمون إلى هنا ولا إلى هناك»، و«أشخاص على الحدود». عندما أجرى بول بريستون مقابلات مع أبناء ثنائيي اللغة والثقافة غير صم لوالدين أصمين، وجد أن كثيرا منهم لا يستطيعون إطلاق اسم ثنائيي الثقافة على أنفسهم (أو لا يجرءون على ذلك)، حتى إن كانت تجربتهم مثالا على الثنائية الثقافية. قال أحد هؤلاء:
شعرت دوما بعدم الانتماء لأي من الثقافتين؛ فأنا لا أنتمي إلى الصم 100 في المائة، ولا أنتمي أيضا إلى الذين يسمعون. لم أشعر بالراحة مع الذين يسمعون، وإنما أشعر بمزيد من الراحة مع الصم، لكني أعرف أنني لست أصم. ما أشعر به أنني في مكان ما بين الاثنين.
9
الحل الرابع، وهو أن يختار المرء الارتباط بالثقافتين معا، يعتبر أفضل حل نظرا لأن الأشخاص الثنائيي الثقافة يعيشون حياتهم داخل ثقافتين، يجمعون ويمزجون جوانب من كل منهما، حتى إن كانت ثقافة واحدة منهما هي السائدة. ساعد كثيرا من الأشخاص الثنائيي الثقافة وجود مجموعات ثقافية جديدة، مثل مجموعات المهاجرين في أمريكا الشمالية؛ فإن انتساب المرء إلى الأمريكيين الكوبيين أو الأمريكيين الهايتيين، على سبيل المثال، والقدرة على استخدام هذين الاسمين، يعتبران أسلوبا جيدا لإخبار الآخرين بأن لديك إرثا مزدوجا؛ كوبي وأمريكي، أو هايتي وأمريكي، وأنك تريد أن تصنف بأنك شخص ثنائي الثقافة.
अज्ञात पृष्ठ