وقالت وفية: لا، لن أخبرك أنا، فإن هذا من حق زوجتك وحدها.
وكاد يسري يعرف، ولكنه قال في سرعة: أين هي؟ - في المكتب.
وسارع يسري إلى فايزة وهو يقول: فايزة، فايزة، ماذا؟
ورأت فايزة زوجها فعادت تمسك بكرسيها، وأنعمت فيه النظر ذاهلة، تمور في نفسها أعاصير من الغضب والألم، وخيل ليسري أنها ذاهلة لأنها لم تسمع، فلم يعن بالكتابة، فقد أدرك من الجو المحيط به أنها تحمل ابنه. ولكنه أراد أن يتأكد فنظر إلى دولت يسألها: قولي أنت، فلا وقت عندي للكتابة.
وقالت دولت في إشراق: اسألها، ألم تقل وفية هانم إن هذا من حق زوجتك وحدها؟
وانكب يسري على جبين فايزة يقبلها ويقول: أظنني أعرف، أظنني أعرف.
وما إن لامست شفتاه فايزة حتى عادها الغثيان، فانتفضت عن كرسيها وأسرعت الخطى تخرج من الحجرة.
وقالت وفية: ها قد أجابت، إنها في الوحم.
وقال يسري وقد اختلج قلبه في فرح عامر: حقا، فلماذا لم يرها الدكتور؟ لماذا لا تأخذ الدواء؟ لماذا تتركونها في هذا التعب؟
وقبل أن تجيب دخل خيري متوجسا، وما إن رأى ما هم فيه حتى اطمأن، فقد خيل إليه أن فايزة استدعته لتخبره بهذا النبأ السعيد، فراح يشارك الجميع في فرحهم. وحين عادت فايزة لم يحاول أن يسألها لماذا أرادته، فقد اطمأن إلى الظن الذي خامره. وطالت الجلسة بعض الحين، وأمسكت فايزة خلسة ورقة وراحت تكتب عليها كلاما. وحين رأت الأنظار متجهة إليها راحت ترسم على الورق أشكالا لا معنى لها، ثم تقطعه وتلقيه في السلة، حتى إذا اطمأنت أن الجالسين ظنوا أنها تتسلى قامت وهي تقول: إني متعبة، سأنتظركم بالدور الأعلى، أظنك لن تصعد يا آبيه خيري، أراك بخير.
अज्ञात पृष्ठ