بدأ الصراع الداخلي يتجاذبني ، وأنهيت إقامتي في مصر بعد إن قمت خلال الايام الاخيرة بزيارة المساجد المتعددة ، وصليت في جميعها من مالك إلى أبي حنيفة إلى مسجد الشافعي وأحمد بن حنبل ، ثم إلى السيدة زينب وسيدنا الحسين ، كما زرت زاوية التيجانية ولي في ذلك حكايات طويلة يطول شرحها ، وقد رمت الاختصار .
* **
( 26 )
( 27 )
لقاء في الباخرة
وسافرت إلى الاسكندرية في اليوم المقرر حسب حجز المكان في الباخرة المصرية التي تسافر إلى بيروت ووجدت نفسي مرهقا متعبا جسديا وفكريا ، وأنا ملقى على السرير المخصص لي ، فنمت قليلا وكانت الباخرة قد أبحرت منذ ساعتين أو ثلاثة ، واستيقظت على صوت مجاوري وهو يقول : « يبدو أن الاخ متعب » .
قلت نعم أتعبني السفر من القاهرة إلى الاسكندرية وقد بكرت للوصول على الموعد فلم أنم البارحة إلا قليلا .
وفهمت من لهجته أنه غير مصري ، ودفعني فضولي كعادتي إلى أن أتعرف عليه فعرفته نفسي وعرفت أنه عراقي وهو أستاذ في جامعة بغداد اسمه منعم ، وقد جاء إلى القاهرة لتقديم أطروحة الدكتوراه في الازهر .
وبدأنا الحديث عن مصر وعن العالم العربي والاسلامي وعن هزيمة العرب وانتصار اليهود والحديث ذو شجون ، قلت في معرض كلامي أن سبب الهزيمة هو انقسام العرب والمسلمين إلى دويلات وإلى طوائف ومذاهب متعددة ، ورغم كثرة عددهم فلا وزن لهم ولا اعتبار في نظر أعدائهم .
وتكلمنا كثيرا عن مصر والمصريين وكنا متفقين على أسباب الهزيمة ، وأضفت بأنني ضد هذه الانقسامات التي ركزها الاستعمار فينا ليسهل عليه احتلالنا وإذلالنا ، ونحن ما زلنا نفرق بين المالكية والاحناف ورويت له قصة
पृष्ठ 20