الوجه الثالث: أن يقال إن تخريج بدعة المولد على صيام يوم عاشوراء ليس بوجيه، وإنما هو من التكلف المردود؛ لأن العبادات مبناها على الشرع والاتباع لا على الرأي والاستحسان والابتداع، ولم يرو عن النبي ﷺ بإسناد صحيح ولا ضعيف أنه أمر أمته بالاحتفال بمولده، ولا أنه خص ليلة المولد أو يومه بشيء من الأعمال دون سائر الليالي والأيام، وقد قال ﷺ في الحديث الصحيح: «من عمل عملًا ليس عليه أمرنا فهو رد»، وقال أيضًا: «من رغب عن سنتي فليس مني»، وفي هذين الحديثين أبلغ رد على من جعل ليلة المولد عيدًا وخصها بأعمال لم يأمر بها رسول الله ﷺ في تلك الليلة ولم يفعلها، وفيهما أيضًا رد على من خرج بدعة المولد على صيام يوم عاشوراء؛ لأن صيام يوم عاشوراء قد فعله رسول الله ﷺ ورغب فيه بخلاف الاحتفال بالمولد واتخاذه عيدًا، فإن النبي ﷺ لم يفعله ولم يرغب فيه، ولو كان في الاحتفال بالمولد واتخاذه عيدًا أدنى شيء من الفضل لبين ذلك رسول الله ﷺ لأمته، لأنه لا خير إلا وقد دلهم عليه ورغبهم فيه، ولا شر إلا وقد نهاهم عنه وحذره منه، والبدع من الشر الذي نهاهم عنه وحذرهم منه كما تقدم النص على ذلك في أحاديث العرباض بن سارية، وجابر بن عبد الله وابن مسعود ﵃.
ولو قال قائل بتخريج بدعة المولد على نهي النبي ﷺ عن اتخاذ قبره عيدًا لكان أولى وأقرب من تخريجها على صيام يوم عاشوراء، وكذلك تخريج بدعة المولد على قوله ﷺ «لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم» هو أولى