سؤال الأعلم لمن هو أقل منه لا غضاضة فيه
قد يقول قائل: موسى ﵇ الأعلم يطلب من الخضر العلم وهو أقل منه منزلة وفضلًا وعلمًا!! نعم! ليس هناك أي غضاضة في أن يتعلم الرجل ممن هو أقل منه، وهذا مشاهد في الحياة، فتجد الرجل العظيم الكبير الذي جمع أصناف العلوم يتعلم من رجل لا يفهم شيئًا إلا في مهنة واحدة، فمثلًا: لو ذهب الإمام الشافعي إلى خياط يحيك الملابس، فقال له: كيف تخيط هذا الثوب؟ فيقول له: هكذا وهكذا ويظل يعلمه، فهل بهذه الجزئية صار هذا الرجل أعلم من الشافعي؟
الجواب
لا.
لكن لا يوجد رجل في الدنيا كلها يعرف كل شيء، بل لابد أن يجهل شيئًا ما ويكون هناك من هو أقل بكثير جدًا منه يعلم هذه الجزئية.
وهذا النبي ﵌ ولا يوجد أفضل منه ولا أعلم، كما في صحيح مسلم أنه مر على جماعة يؤبرون النخل -أي: يلقحونه، يأخذون لقاح الذكر ويضعونه على الأنثى- فقال: (ما أظن هذا ينفع شيئًا) فنزل الأنصار من على النخلة وتركوها، فإن هذا نبي، فانتظروا أوان حصاد أوان التمر فإذا هو شيصٌ أي: (بلح) لا يؤكل، فأخبروا النبي ﵊، فقال لهم: (أنتم أعلم بشئون دنياكم، إنما أنا بشر فلا تؤاخذوني بالظن)، فهو ظن أن هذا لا يجدي شيئًا، فلا يقال: إن فلانًا أعلم من الرسول ﷺ؛ لأنه علم جزئية من الجزئيات فننزل كلام موسى مع الخضر هذه المنزلة.
5 / 3