146

The Story of Civilization

قصة الحضارة

प्रकाशक

دار الجيل

प्रकाशक स्थान

بيروت - لبنان

शैलियों

المليون، عُدَّ ستة فقط، وسجل حسابك على ظفر إبهامك" (٢٥).
وربما كانت بداية الفلك في قياس الزمن بحركات الأجرام السماوية وكلمة "مقياس" نفسها "في اللغة الإنجليزية measure" وكلمة شهر " month"- بل ربما كانت كلمة إنسان man أيضًا وهو الذي يقوم بالقياس- كل هذه الكلمات تَرتَدُّ- بغير شك- إلى أصل لغويَّ معناه القمر " moon" (٢٦) ذلك لأن الناس قاسوا الزمن بدورات القمر قبل قياسه بالأعوام بزمن طويل؛ فالشمس- مَثَلُها في ذلك مَثَلُ الأب لم تستكشف إلا في وقت متأخر نسبيا؛ وحتى اليوم ترانا نحسب موعد عيد الربيع " Easter" بأوجه القمر؛ وكان لأهل بولنيزيا تقويمَّ، العامُ فيه ثلاثة عشر شهرًا ينظمها القمر؛ فلما رأوا أن سنتهم القمرية تختلف اختلافا بيّنا عن مواكب الفصول، أسقطوا شهرًا قمريًا، وبذلك استعادوا التوازن بين سنتهم وبين الفصول (٢٧)؛ لكن استخدام الأجرام السماوية على هذا النحو المتزن كان شذوذًا بالقياس إلى التخبط في استخدامها للتنجيم، فالتنجيم قد سبق علم الفلك، وربما دام وجوده على الرغم من ظهور علم الفلك؛ ذلك لأن النفوس الساذجة أكثر اهتماما بالكشف عما يخبئه لها الغيب منها بمعرفة الزمن؛ فنشأت ألوف الخرافات عن تأثير النجوم في خُلُق الإنسان ونصيبه المقدور، ولا يزال كثير من هذه الخرافات مزدهرًا في يومنا هذا (^١) وربما لم تكن هذه الخرافات خرافات بالمعنى الصحيح، ويجوز أن تكون ضربا آخر من الخطأ في التعليل؛ وما العلم نفسه إلا الضرب الأول من ذلك الخطأ.
والإنسان البدائي لا يصوغ شيئًا من قوانين علم الطبيعة، ويكتفي بممارستها من الوجهة العملية؛ فلئن لم يكن في مقدوره أن يقيس مسار المقذوف في الفضاء،

(^١) فيما يلي اقتباس من إعلان أذاعته قاعة البلدية في نيويورك عن برنامجها يوم ٥ مارس سنة ١٩٣٤: "فلان سيكشف الطالع لمن أراد؛ وهو المنجم لعلية القوم في نيويورك ولأرباب المهن الممتازين؛ والساعة تكلف عشرة ريالات".

1 / 136