دائما من اليهود، وهو لا يطرق مسامعهم لأول مرة. فدعاهم إلى الله ﷿، وعرض عليهم الإسلام، وتلا عليهم القرآن. وقد كان الخزرج مهيئين نفسيا تهيئة تامة لسماع حديث الإسلام، فقد كانوا يحسون دائما بالحسرة أمام اليهود. فهم أميون ليس عندهم رصيد يواجهون به اليهود ويقفون أمامهم مبهوتين لا يدرون ما يقولونه.
ومن جهة ثانية، فالحديث عن النبي المرسل كان يملأ جو يثرب، بل يهددهم اليهود به فما إن تناهى إلى سمعهم حديث الرسول ﵊ حتى قالوا: (والله إنه للنبي الذي توعدكم يهود فلا يسبقنكم إليه) فالداعية إذن لا بد له من أن يستفيد من المناخ النفسي الملائم حين يدعو، ويستفيد من الأرضية الثقافية لمن يدعوهم إلى الله.
ولأول مرة تسلم مجموعة كاملة، ومن بلد ناء تصلح أن تكون أساسا ومنطلقا للدعوة، خاصة وقد أبدت هذه المجموعة استعدادها لذلك قائلة: إنا قد تركنا قومنا ولا قوم بينهم من العداوة والشر ما بينهم فعسى أن يجمعهم الله بك فسنقدم عليهم فندعوهم إلى أمرك، ونعرض عليهم الذي أجبناك إليه من هذا الدين فإن تجمعهم عليك فلا رجل أعز منك.
لقد وضعت بذرة أمل جديدة مع هؤلاء النفر الستة، أن يمهد الجو لرسول الله كون في المدينة، وتذلل الخلافات، ويقوم هؤلاء الستة بالدعوة إلى الله هناك، فقد آمنوا وصدقوا.
ونلاحظ هنا أن رسول الله ﷺ لم يعرض عليهم طلب حمايته ونصرته حين دلخوا في دين الله ﷿، بل توجه اهتمامه ﵊ إلى انطلاق جديد لدين الله ﷺ -حسن أن يكون مركزا ممتازا يغير مواقع الدعوة كاملة.
وقام النفر الستة بأعظم دور في الدعوة لدين الله ﷿ في صفوف