57

The Prophetic Biography between Narrated Traditions and Quranic Verses

السيرة النبوية بين الآثار المروية والآيات القرآنية

शैलियों

ورفعك. (١) إذ التوديع: تحية من يريد السفر، واستعير في الآية للمفارقة بعد الاتصال تشبيهًا بفراق المسافر في انقطاع الصلة، حيث شبه انقطاع صلة الكلام بانقطاع صلة لإقامة، والقرينة إسناد ذلك إلى الله الذي لا يتصل بالناس اتصالًا معهودًا. وهذا نفي لأن يكون اتصاله بالله قد قطع؛ بقطع الله الوحي عنه (٢)؛ ولذلك وجدنا هذا البر العظيم من الله تعالى به عندما أضاف لفظ الربوبية إلى ضمير المخاطب ﷺ ﴿وَمَا قَلَى﴾ ليبين عنايته به، وولايته له، وفيه من اللطف به ما لا يخفى، فكأنه قيل: ما تركك المتكفل بمصلحتك والمبلغ لك سبل الكمال اللائقة بك (٣). ونلاحظ في قوله: ﴿وَمَا قَلَى﴾ حذف المفعول، وذلك لئلا يواجه ﵊ بنسبة القلى، لو قال ما قلاك، لطفًا به وشفقة عليه ﷺ وفيه احتمال آخر، وهو أنه لنفي صدوره عنه ﷿ بالنسبة إليه ﷺ ولأحد من أصحابه، ومن أحبه إلى يوم القيامة، وذلك لقوله ﷺ: (المرء مع من أحب). (٤) ويأتي بعد نفي التوديع والقِلى قوله تعالى: ﴿وَلَلْآَخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولَى (٤)﴾ [الضحى: ٤]

(١) انظر ملا علي القاري "شرح الشفا" (٨٢، ٨٤/ ١). (٢) انظر الطاهر بن عاشور "التحرير والتنوير" (٣٩٥، ٣٩٦/ ٣٠). (٣) الألوسي "روح المعاني" (٢٨٠، ٢٨١/ ١٦)، انظر كذلك القرطبي "الجامع لأحكام القرآن" (٦٤/ ٢٠)، برهان الدين البقاعي "نظم الدور" (٤٥٣/ ٨)، وغيرها. (٤) انظر الفخر الرازي "التفسير الكبير" (٤٦٨/ ١٦)، والألوسي "روح المعاني" (٢٨١، ٢٨٢/ ١٦)، وأبا السعود "إرشاد العقل السليم" (٨٧٨، ٨٧٩/ ٥)، أما الحديث فقد رواه البخاري رقم (٦١٦٨) عن عبد الله بن مسعود، ورواه مسلم (٢٦٤٠) عن عبد الله أيضًا.

1 / 58