168

The Phenomenon of Postponement in Islamic Thought

ظاهرة الإرجاء في الفكر الإسلامي

प्रकाशक

دار الكلمة

संस्करण

الأولى

प्रकाशन वर्ष

١٤٢٠ هـ - ١٩٩٩ م

शैलियों

وليس هذا صنيع الحائر المتشكك، بل هو موقف الواثق المستيقن، وسيأتي حديثه الآخر قريبا.
٥ - وهناك من المعتزلين للفتنة من كان وضوح أمرها لديه بحيث إنه احتاط لنفسه من شرها بمجرد انفجارها، فهذا سلمة بن الأكوع ﵁ لما قتل عثمان ﵁ خرج إلى الربذة، وتزوج هناك امرأة وولدت له أولادًا، فلم يزل بها حتى قبل أن يموت بليال نزل المدينة (١) .
فقد تغرب ﵁ حوالي أربعين سنة (منذ مقتل عثمان سنة ٣٥ إلى وفاته سنة ٧٤)، ثم مات في دار الهجرة كرامة من الله له.
٦ - وممن أحجم عن الفتنة، وحدث الناس بخبر رسول الله ﷺ عنها أبو هريرة ﵁، فقد حدث عن النبي ﷺ هو وأبو بكرة أنه قال: "ستكون فتن، القاعد فيها خير من القائم، والقائم فيها خير من الماشي، والماشي فيها خير من الساعي، من تشرف لها تستشرفه، فمن وجد منها ملجأ أو معاذًا فليعذ به" (٢) .
وهذا لفظ البخاري عن أبي هريرة، ولمسلم عن أبي بكرة زيادة أوضح: "ألا فإذا نزلت - أو: وقعت - فمن كان له إبل فليلحق بإبله، ومن كانت له غنم فليلحق بغنمه ... " (٣) الحديث.
ويتضح من هذه النصوص:
أولًا: أن الصحابة الذين اعتزلوا الفتن يعتمدون على أصل شرعي ثابت بنصوص صريحة عن النبي ﷺ، وبعضها أوامر عينية في حق المخاطبين بها - وبعضها لم نذكره -.
ثانيًا: أن من كمال فقه الصحابة ﵃ التفريق بين صحة إمامة علي وبين وجوب القتال معه، بل صحة قتاله، إذ لا يلزم من كونه إمامًا حقًا أن يكون قتاله لأهل الجمل وصفين حقًا بإطلاق على ما سنبينه.

(١) الفتح (١٣/٤٠) .
(٢) المصدر السابق (١٣/٣٠) .
(٣) رقم (٢٨٨٧) .

1 / 176