The Holy Land in Light of the Quran and Sunnah
الأرض المقدسة في ضوء الكتاب والسنة
शैलियों
صلة الأنبياء ببيت المقدس
أما فضائل بيت المقدس خاصة في سنة النبي ﵊، منها: أن بيت المقدس وفلسطين هي مهاجر أبينا إبراهيم ولوط عليهما الصلاة والسلام، وهذا تقدم، والمسجد الأقصى ثاني مسجد بني على وجه الأرض.
أخرج مسلم في صحيحه عن أبي ذر ﵁ قال: (قلت: يا رسول الله! أي مسجد وضع في الأرض أولًا؟ قال: المسجد الحرام، قلت: ثم أي؟ قال: المسجد الأقصى، قلت: كم بينهما؟ قال: أربعون سنة، وأينما أدركتك الصلاة فصل فإنه مسجد)، يعني: كل الأرض جعلت لنا مسجدًا وطهورًا، فأينما أدركتك الصلاة فصل، وفي رواية: (فأينما أدركتك الصلاة فعندك سجودك وطهورك)، يعني: المكان الذي تسجد عليه والتراب الذي تتيمم به إن فقدت الماء أو عجزت عن استعماله مع وجوده.
وقد اختلف أهل العلم فيمن بنى المسجد الحرام، وكذلك فيمن بني المسجد الأقصى، فقيل: آدم هو الذي بنى كلًا من المسجدين، والذي يترجح لدي: أن آدم ﵊ هو الذي وضع حجر الأساس للبيت الحرام، والذي رفع القواعد هو إبراهيم وإسماعيل، ثم تعاقبت بعد ذلك مراحل بنيان البيت الحرام، أما البيت الذي هو بيت إيلياء أو المسجد الأقصى فالذي بناه هو إبراهيم ﵊.
ولذلك أنتم تعرفون أن إبراهيم رحل من أرض الحجاز إلى أرض الشام، ولا يبعد أن يكون إبراهيم ﵊ عاش حتى بنى المسجد الأقصى بعد بنائه للمسجد الحرام بأربعين عامًا، هذا أمر ليس ببعيد، ولم يقل: بينهما ألف عام أو ألفان أو ثلاثة، فإنه يبعد جدًا أن نقول: إن الذي بنى المسجدين هو إبراهيم، وإنما بين بناء المسجدين أربعون عامًا، وهذا أمر يقبل أن يكون الذي بنى ذلك هو إبراهيم ﵊.
وعلى أية حال هذه مسألة فيها خلاف بين أهل العلم، والترجيح فيها بالظن لا باليقين.
وموسى ﵇ سأل ربه عند الموت أن يدنيه من الأرض المقدسة رمية بحجر، وأنتم تعلمون الحديث الطويل الذي أخرجه البخاري ومسلم في صحيحيهما، الذي هو معروف بحديث فقء عين ملك الموت، هذا الحديث لا يروق لكثير من العلمانيين والملاحدة، وقصار النظر، والجهلة من أبناء المسلمين، هذا الحديث شرحناه مرارًا ورددنا على الملاحدة، وأنا لا أذكر هذا الحديث بنصه، وإنما أجتزئ من هذا الحديث وأحيل إلى ما رددت به على الملاحدة بشأن هذا الحديث في محاضرات سبقت هذه المحاضرة، أما الجزء الذي هو موطن الشاهد فهو قوله: (لما اختار موسى ﵇ الموت قال: يا رب! أدنني من بيت المقدس رمية بحجر)، قال النووي عليه رحمة الله: وإنما لم يطلب موسى من ربه أن يقبض روحه في بيت المقدس مخافة أن يعبده الجهال، وإنما أراد أن يدفن في مكان لا يعرفه فيه الناس بجوار البيت المقدس، ولذلك قال النبي ﵊: (مررت بموسى ليلة أسري بي وهو قائم يصلي في قبره عند الكثيب الأحمر، ولو أني وأنتم ثم -أي: هناك- لأريتكم قبره).
الشاهد من هذا: أن موسى ﵇ لما أتاه الموت كان في ذلك الوقت في أرض سيناء، فطلب من ربه أن يحمله مقدار أن يرمي المرء الحجر، أي: هذه السرعة أو مقدار ما أن يرمي الرجل حجرة من بيت المقدس خارج هذا البيت، فحمل الله ﷿ موسى ﵇ إلى هذا الموضع الكثيب الأحمر فقبض روحه هناك.
وهذا يدل على شرف وفضل بلاد الشام، وأن أنبياء الله ﷿ الذين ذكرهم الله تعالى في القرآن الكريم -وهم خمسة وعشرون نبيًا- معظمهم له اتصال وثيق بأرض الشام، إما مات في أرض الشام، وإما دعوته كانت في أرض الشام، فهي أرض الأنبياء، ومسرى الشهداء، وبركة السماء، هذه الأرض لها فضل عظيم جدًا كاد الواحد منا إذا قرأ في فضلها أن يقول: أين فضل مكة بجوارها؟ وأين فضل المدينة بجوارها؟ لما لهذه الأرض من شرف وفضل عظيم، وقد وردت نصوص لا تكاد تقع تحت حصر في فضل هذه البلاد وشرف أهلها، إنه شيء عظيم يجعل الواحد ينطلق ولو على قدميه إلى تلك البلاد؛ لشرفها وفضلها وعصمتها من الزلازل والفتن ووجود الأمن والإيمان في آخر الزمان، ونحن كدنا أن نكون في آخر الزمان، ولم يبق من العلامات التي تسبق القيامة إلا العلامات الكبرى، فقد ظهرت الصغرى.
ويوشع بن نون فتى موسى -أي: صاحبه وليس غلامًا له أو عبدًا عنده، وهو نبي من أنبياء بني إسرائيل- حبس الله ﵎ له الشمس عند فتحه للقدس، وهذا شيء عجيب وفضل عظيم.
يقول الشاعر: أهذه القدس والأقصى يزينها مسرى النبي أفيها ساجدًا عمر أم أورشليم يهودا بات يحكمها وهيكل الظلم في أحضانها نضر وديار فلسطين المباركة المطهرة كانت ديار يعقوب قبل هجرته إلى مصر، وقد كان مسكنه في نابلس، وقد قال ابن كثير في البداية والنهاية: إن المسجد الأقصى أسسه إسرائيل، وهو يعقوب ﵇.
وبالقدس كان ملك داود ﵇ ومحرابه، قال النبي ﵊: (كان دا
2 / 3