قال الإمام البيهقي بعد أن ساق عدة روايات في هذا الباب وفيها: "من أحصاها دخل الجنة "، قال ﵀: وليس في قوله ﵊: "إن لله تسعة وتسعين اسمًا" نفي غيرها، وإنما وقع التخصيص بذكرها لأنها أشهر الأسماء وأبينها معاني. وفيها ورد الخبر أن من أحصاها دخل الجنة.
وفي رواية سفيان: "من حفظها" وذلك يدل على أن المراد بقوله: "من أحصاها" من عدها. وقيل: من أطاقها بحسن المراعاة لها، والمحافظة على حدودها، في معاملة الرب بها سبحانه، وقيل معناه: من عرفها وعقل معانيها، وآمن بها والله أعلم١ اهـ.
وبعد أن انتهى الإمام البيهقي من سرد الأسماء ذكر معاني الأسماء بالجملة، ثم فصل القول فيها تفصيلًا لم يسبق إليه فيما نعلم حيث نوع الأسماء تنويعًا: نوع يتبع إثبات الباري جل ثناؤه مثل (القديم) ٢، وإن كان هذا الاسم غير معدود من أسماء الله الحسنى، ولكنه ذكر بالمعنى لأنه بمعنى "الأول الذي ليس قبله شيء" وقد مثل لهذا النوع بعدة أسماء ثم عقد فصلًا آخر لنوع آخر من الأسماء يتبع إثبات وحدانيته ﷿ ومثّل لهذا النوع بعدة أسماء منها: (الواحد) ومنها (الوتر) (الكافي) إلى آخر تلك الأسماء الكثيرة التي وزعها على عدة فصول في أول كتابه (الأسماء والصفات) .
ومما يشهد للإمام البيهقي فيما ذهب إليه -وهو الحق- من أن أسماء الله
١ الأسماء والصفات للبيهقي ص: ٥.
٢ ذكر صاحب شرح الطحاوية: أن (القديم) من الأسماء التي أدخلها المتكلمون في أسمائه تعالى وليس هو من أسمائه الحسنى. فإن القديم في لغة العرب هو المتقدم على غيره، وقد وصف به في القرآن (العرجون) (والإفك القديم) (والضلال القديم) وهو مع ذلك لا يؤدي معنى (الأول) الذي ليس قبله شيء. شرح الطحاوية ص:٤٣.