والماتريدية وبخاصة المتأخرون منهم، حتى صار ذلك علامة عليهم تميزهم عن أهل السنة والجماعة.
يقول العلامة أبو المظفر السمعاني (^١) ﵀: "اعلم أن فصل ما بيننا وبين المبتدعة هو مسألة العقل، فإنهم أسّسوا دينهم على المعقول، وجعلوا الاتباع والمأثور تبعًا للمعقول" (^٢).
وشبهة هؤلاء على اختلافهم أن العقل هو الذي دل على صحة النقل، وذلك بمعرفة الله وصدق الرسول، فلو قدم النقل على العقل لكان في ذلك تقديم للفرع على الأصل، ولكان فيه إبطال للأصل، وإذا بطل الأصل الدال على الفرع بطل بالتالي الفرع المترتب عليه، وقد ذكر هذا المعنى كثير من أهل الكلام بعبارات متنوعة، وأساليب مختلفة (^٣).
وقد قرر - ابن حجر - عفا الله عنه - ذلك في كتبه، وفرّع عليه جملة من المسائل العقدية.
حيث قال: "وكالنص، حكم العقل القطعي، فالاعتقاد المستند إليه صحيح، وإن لم يرد فيه نص، بل لو ورد النص بخلافه، وجب تأويل النص إليه، كآيات الصفات وأحاديثها؛ إذ ظاهرها محال على الله عقلًا، فوجب صرفها عنه بتأويلها بما يوافق العقل" (^٤).