النوع الثاني: التأويل البعيد، وهو: ما إذا كان المعنى المأوَّل إليه اللفظ بعيدًا جدًا، فهذا يحتاج إلى دليل في غاية القوة.
مثل قوله تعالى: (وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ)، فقد أؤَل ذلك بعضهم بأن المراد: مسح الرجلين بدلًا من غسلهما، وقد استدل على هذا التأويل بقراءة الجر في قوله: (وَأَرْجُلِكُمْ) وأن ذلك كان عطفًا على قوله: (بِرُءُوسِكُمْ) فقالوا ذلك نظرًا إلى تلك القراءة، ولكن ما ثبت من الأحاديث الصحيحة التي أمرت بغسل الرجلين جعل هذا التأويل بعيدًا جدًا.
النوع الثالث: التأويل المتوسط، وهو: ما كان المعنى المأوَّل إليه متوسطًا، فإن هذا يحتاج إلى دليل متوسط في القوة.
والفقيه المجتهد هو الذي يُعين التأويل البعيد من القريب من المتوسط، ويوضح حدودها وذلك بدقة نظره، وقوة ملاحظته.
* * *
المسألة الثالثة:
شروط التأويل هي:
الشرط الأول: أن يكون المتأول من أهل الاجتهاد والنظر والاستدلال.
الشرط الثاني: أن يكون المعنى الذي أُوِّل إليه اللفظ من المعانى التي يحتملها اللفظ ظاهرًا فيما صُرف عنه، محتملًا لما صُرف إليه.
الشرط الثالث: أن يعتمد التأويل على دليل صحيح يدل دلالة واضحة وصريحة على صرف اللفظ من ظاهره إلى غيره، وهو إما