وكذا القسمةُ للرجل، في ذلك اجتهادٌ صحيحٌ، ونظرٌ إلى مصالح تترتب على إعطاء قوم دون قوم، كما خَصَّ الرسول ﷺ الطُّلَقاء بمئة من الإبل، وحَرَمَ الأنصار! حتى قال منهم أحداثُهم شيئًا في ذلك، لا ذووا أحلامهم، وفيها قام ذو الخُوَيْصرة فقال ما قال!
وأما دخولُه على الأمراء، فلو لم يكن، كيف كان شمَّ الأمراءُ رائحةَ الدِّين العتيق الخالص؟ ولو فتَّش المفتش، لوجد هذه الكيفيةَ التي عندهم من رائحة الدين، ومعرفة المنافقين، إنما اقتبسوها من صاحبكم.
وأما تقريبُ زيدٍ وعمرو، فلمصلحة باطنة، لو فتَّش عنها مع الإنصاف وجد هنالك ما يرى أن ذلك من المصلحة ونفرض أنك مصيب في ذلك، إذ لا نعتقد العصمةَ إلا في الأنبياء، والخطأُ جارٍ على غيرهم، أيُذْكَرُ مثلُ هذا الخطأ في مقابلة ما تقدم من الأمور العظام الجِسَام؟
لا يذكر مثلَ هذا في كُرَّاسة ويُعدِّدُها، ثم يدور بها على واحد واحد، كأنه يقول شيئًا، إلا رجلٌ نسأل الله العافية في عقله، وخاتمَة الخير على عمله، وأن يردَّه عن انحرافِه إلى نهج الصواب، بحيث لا يبقى مَعْشَرُهُ يَعِيبُهُ بعلمه، وتصنيفه، من أولي العقول والأحلام.
ونستغفرُ الله العظيم، من الخطأ والزلل، في القول والعمل، والحمد لله وحده، وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم (^١).