The Biography of the Prophet - Ragheb Al-Sergani
السيرة النبوية - راغب السرجاني
शैलियों
الجهر بالدعوة أمام قريش عامة
جاءت الأوامر من الله ﷿ أن يوسع الرسول ﷺ دائرة الدعوة، فيقوم بصيحة أعلى بعد ذلك لكل بطون قريش، فوقف ﷺ على جبل الصفا ينادي: يا بني فهر، يا بني عدي، يا بني هاشم، يا بني مخزوم، حتى أتى على كل بطون قريش حتى اجتمعوا، فجعل الرجل إذا لم يستطع أن يخرج أرسل رسولًا لينظر الأمر؛ لأنه يرى أن الأمر عظيم.
يقول ابن عباس في رواية البخاري: جاء أبو لهب وقريش -يخص بالذكر أبو لهب؛ لأن له موقفًا من هذا الحدث- فقال ﷺ: (أرأيتكم لو أخبرتكم أن خيلًا بالوادي تريد أن تغير عليكم، أكنتم مصدقي؟ قالوا: نعم، ما جربنا عليك إلا صدقًا، قال ﷺ: فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد)، فهنا يقيم الرسول ﷺ الحجة على قومه، أولًا: سألهم: (أكنتم مصدقي؟ فقالوا: نعم، ما جربنا عليك إلا صدقًا)، بمعنى: أنهم يعتقدون تمام الاعتقاد أن هذا الرجل لا يكذب، فأنذرهم بالإنذار الذي جاء به: (فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد)، أي: إذا كنتم تصدقون إنذاري لكم بخيل وأعداء، فيجب أن تصدقوا إنذاري لكم بعذاب شديد، إذا بقيتم على ما أنتم عليه من عبادة الأوثان وتحكيمها في حياتكم.
فلم يسكت أبو لهب بل قال: تبًا لك سائر اليوم ألهذا جمعتنا؟ فنزلت السورة الكريمة: ﴿تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ﴾ [المسد:١].
وهنا مشكلة واضحة بداخل أبي لهب منعته من الإيمان، إن كانت مشكلة أبي طالب التقاليد، فإن مشكلة أبي لهب كانت الجبن الشديد قال: (ليس لنا بالعرب من طاقة) ليس لنا قدرة على تغيير المألوف، ليس عند أبي لهب مانع من الوقوف بجوار القوي وإن كان مخالفًا للحق، وليس عنده مانع من أن يخذل ابن أخيه، أو يخذل الحق بصفة عامة وإن كان من أقاربه وعشيرته، هذا هو الذي أرداه فجعله من الخاسرين، الجبن الشديد المقعد عن العمل الصالح.
6 / 4