The Biography of the Prophet - Ragheb Al-Sergani
السيرة النبوية - راغب السرجاني
शैलियों
كيفية محبة الرسول ﷺ
القاعدة الثالثة: هي أن نتعلم كيف نحب الرسول ﷺ؟ حب الرسول ﷺ يجب أن يفوق كل حب، إن لم يحدث هذا الحب فهناك خلل في الإيمان، يقول الرسول ﷺ في الحديث الشريف: (لا يؤمن أحدكم حتى يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما).
ويقول: (لا يؤمن العبد حتى أكون أحب إليه من أهله وماله والناس أجمعين)، رواه البخاري ومسلم.
وكلنا نحفظ الحوار اللطيف الذي دار بين رسول الله ﷺ وبين عمر بن الخطاب، فقد جاء في صحيح البخاري أن عمر بن الخطاب قال: (يا رسول الله! لأنت أحب إلي من كل شيء إلا نفسي)، كلنا يحب نفسه، ولكن انتبه وقف وقفة صادقة مثلما وقف عمر مع نفسه، وراجع نفسك: هل أنت تقدم أحكام رسول الله ﷺ في كل شأن من شئون حياتك، أم أن حبك حب سطحي، تقدم حب أشياء كثيرة فوق حب رسول الله ﷺ؟! إن كان سيدنا عمر قال: يا رسول الله! أنا أقدم حبك على كل شيء إلا نفسي، فقال له ﷺ: (لا والذي نفسي بيده! حتى أكون أحب إليك من نفسك، فقال عمر: فأنت الآن والله! أحب إلي من نفسي، فقال ﷺ: الآن يا عمر) يعني: الآن اكتمل الإيمان، الآن اكتمل الصدق مع الله ﷿، لن تكون صادقًا مع الله ﷿ في اتباعه وفي محبته إلا باتباع رسوله ﷺ، ﴿قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ [آل عمران:٣١].
إن دراسة السيرة تعين على حب رسول الله ﷺ.
وحب رسول الله ﷺ قضية محورية في إيمان العبد، والتعرف السطحي على شخصية ما لا يتولد عنه عميق حب، إنما التعرف على دقائق الحياة، واكتشاف مواطن العظمة المختلفة في الشخصية هي التي تولد الحب في قلب الإنسان، ولا أحسب إنسانًا صاحب فطرة سليمة يقرأ أو يسمع عن رسول الله ﷺ ولا يحبه، وكلما عرفته أكثر كلما أحببته أكثر، وكلما أحببته أكثر زاد إيمانك، إنها علاقة تفاعلية في غاية الأهمية في حياة المؤمنين.
اقرأ عن أي موقف من مواقف السيرة، ضع إصبعك بصورة عشوائية على أي موقف من مواقف رسول الله ﷺ في حياته، منذ ولد وإلى أن مات ﷺ، اقرأ في حياته كلها عن معاملاته: كيف كان يتعامل في بيته مع زوجته، مع بناته؟! كيف كان يتعامل مع أصحابه؟! كيف كان يتعامل مع أعدائه؟! اقرأ عن جهاده، عن أي غزوة قادها ﷺ، عن صدقه، عن أمانته، عن شجاعته، عن تقواه، عن عبادته، عن قضائه، عن سياسته، عن المعاهدات التي عقدها ﷺ كالحديبية مثلًا.
اقرأ عن الهجرة، عن بدر، عن أحد، عن فتح مكة، عن أي موقف وستحب رسول الله ﷺ حبًا عميقًا.
لقد عدَّ الله ﷿ محمدًا ﷺ نعمة ومنة منه على الخلق، قال الله ﷿ في كتابه: ﴿لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ﴾ [آل عمران:١٦٤].
إذًا: من القواعد الهامة جدًا التي تضعها في تفكيرك وأنت تدرس السيرة: أنك تحب رسول الله ﷺ بقدر ما تستطيع، ركز في كل حدث من سيرته ﷺ أن تزرع هذا الحب في قلبك وإلا لن تنجو، قال الله ﷿ في كتابه الكريم: ﴿قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ﴾ [التوبة:٢٤]، المسألة ليست فقط ارتفاعًا في قدر الإيمان، بل المسألة مسألة تهديد بأن تكون من الفاسقين، كما قال الله ﷿: ﴿وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ﴾ [المائدة:١٠٨].
1 / 15