.......................................................................
وأسلما، وانقادا لله- ﷿، وتله للجبين، أي: على الجبين، أي جبهته، لأجل أن يذبحه وهو لا يرى وجهه، فجاء الفرج من الله تعالى: ﴿وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ﴾ ١ ولا يصح ما ذكره بعضهم من أن السكين انقلبت، أو أن رقبته صارت حديدا، ونحو ذلك.
وقوله: " قانتا ": القنوت: دوام الطاعة، والاستمرار فيها على كل حال، فهو مطيع لله، ثابت على طاعته، مديم لها في كل حال. كما أن ابنه محمدا ﷺ يذكر الله على كل أحيانه٢ إن قام ذكر الله، وإن جلس ذكره، وإن نام، وإن أكل، وإن قضى حاجته ذكر الله، فهو قانت آناء الليل والنهار.
وقوله: (حنيفا): أي: مائلا عن الشرك، مجانبا لكل ما يخالف الطاعة، فوصف بالإثبات والنفي، أي: بالوصفين الإيجابي والسلبي.
وقوله: ﴿وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ﴾ ٣ تأكيد، لاستمراره على التوحيد، فقد كان ﵊ معصوما عن الشرك، مع أن قومه كانوا مشركين، فوصفه الله بامتناعه عن الشرك استمرارا في قوله: (حنيفا) وابتداء في قوله: ﴿وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ﴾ ٤ والدليل على ذلك: أن الله جعله إماما، ولا يجعل الله للناس إماما من لم يحقق التوحيد أبدا.
ومن تأمل حال إبراهيم ﵇ وما جرى عليه وجد أنه في غاية ما يكون من مراتب الصبر، وفي غاية ما يكون من مراتب اليقين، لأنه لا يصبر على هذه الأمور العظيمة إلا من أيقن بالثواب، فمن عنده شك أو