فأرسل رسولا: " أن لا يبقين في رقبة بعير قلادة من وتر أو قلادة إلا قطعت "١.
قوله: " قلادة من وتر، أو قلادة ": شك من الراوي، والأولى أرجح; لأن القلائد كانت تتخذ من الأوتار، ويعتقدون أن ذلك يدفع العين عن البعير، وهذا اعتقاد فاسد; لأنه تعلق بما ليس بسبب، وقد سبق أن التعلق بما ليس بسبب شرعي أو حسي شرك; لأنه بتعلقه أثبت للأشياء سببا لم يثبته الله لا بشرعه ولا بقدره، ولهذا أمر النبي ﷺ أن تقطع هذه القلائد. أما إذا كانت هذه القلادة من غير وتر، وإنما تستعمل للقيادة كالزمام; فهذا لا بأس به لعدم الاعتقاد الفاسد، وكان الناس يعملون ذلك كثيرا من الصوف أو غيره.
قوله: " في رقبة بعير ": ذكر البعير; لأن هذا هو الذي كان منتشرا حينذاك; فهذا القيد بناء على الواقع عندهم; فيكون كالتمثيل، وليس بمخصص.
يستفاد من الحديث:
١- أنه ينبغي لكبير القوم أن يكون مراعيا لأحوالهم; فيتفقدهم وينظر في أحوالهم.
٢- أنه يجب عليه رعايتهم بما تقتضيه الشريعة; فإذا فعلوا محرما منعهم منه، وإن تهاونوا في واجب حثهم عليه.
٣- أنه لا يجوز أن تعلق في أعناق الإبل أشياء؛ تجعل سببا في جلب منفعة أو دفع مضرة، وهي ليست كذلك لا شرعا ولا قدرا; لأنه شرك.
١ رواه: البخاري (كتاب الجهاد، باب ما قيل في الجرس ونحوه في أعناق الإبل، ٢/٣٥٩)، ومسلم (كتاب اللباس، باب كراهة الكلب والجرس في السفر، ٣/١٦٧٢) .