لأخيه محذرًا "وكن على حذر من أهل مكة فإنهم قد شنفوا له وتجهموا" (١) لعل في ذلك كله ما يؤكد أن إسلامه جرى بعد إعلان الدعوة وانتهاء المرحلة السرية.
لقد عاد أبو ذر إلى غفار فأسلم نصفهم، وأسلم النصف الثاني بعد الهجرة النبوية.
كذلك يظهر من سياق قصة إسلام ضماد - من ازد شنوءة - أنه تم في بداية مرحلة الجهر بالدعوة، وبعد أن جاهر الرسول ﷺ بتسفيه عقائد المشركين، فردوا عليه بالدعاية الكاذبة واصفين إياه بالجنون، فلما قدم ضماد مكة وسمع سفهاء مكة يتهمون النبي بالجنون، وكان ضماد يرقي من مس الجنون ذهب إلى الرسول وعرض عليه أن يرقاه. فقال رسول الله: "إن الحمد لله، نحمده ونستعينه، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدًا عبده ورسوله، أما بعد" فقال ضماد: أعد عليَّ كلماتك هؤلاء، فأعادهنَّ عليه رسول الله ﷺ ثلاث مرات، فقال ضماد: لقد سمعت قول الكهنة وقول السحرة وقول الشعراء، فما سمعت مثل كلماتك هؤلاء، ثم أسلم وبايع عن نفسه وقومه (٢).
إن الكلمات النبوية تلمس شغاف قلوب البشر وتزيل الحجب بينهم وبين حقيقة توحيد الألوهية التي غابت عنهم آمادًا طويلة فتنقلهم الكلمات بصدقها