المبحث الخامس التعليل بالعلة القاصرة العلة القاصرة إما أن تكون: منصوصة، أو مستنبطة، فإن كانت ثابتة بنص أو إجماع، فقد اتفق الأصوليون على جواز التعليل بها١، "لأن النص تعبد من الشارع يجب تلقيه بالقبول"٢. وإن كانت ثابتة باستنباط، فقد اختلفوا فيها على مذهبين: الأول: أنه يجوز تعليل الحكم بالعلة القاصرة، وإن كان الحكم لا يتعدى بها إلى محل آخر لعدم تحققها فيه، وإلى هذا ذهب ابن الحاجب، والإمام الفخر الرازي، وأتباعه، ونقله الآمدي عن الشافعي٣، وأصحاب أحمد بن حنبل٤،

١ انظر: الأحكام للآمدي ٣/٢٠٠، والعضد على المختصر ٢/٢١٧، المحصول ص ٣٣٨ - خ -، شرح تنقيح الفصول ص ٤١٠، التوضيح ٢/٦٦. ٢ انظر: شرح تنقيح الفصول ص ٤١٠. ٣ هو: الإمام محمد بن إدريس الشافعي المطلبي، ينتهي نسبه إلى هاشم بن عبد المطلب ابن عبد مناف، المكنى بأبي عبد الله، أحد الأئمة الأربعة، وإليه ينسب المذهب الشافعي، ولد بغزة سنة ١٥٠هـ، وتوفي بالقاهرة سنة ٢٠٤هـ، نشأ في مكة وتلقى العلوم عن علمائها، ثم رحل إلى المدينة ولازم مالكًا وروى عنه موطأه، وإلى اليمن وتولى بعض الأعمال، وإلى العراق وأخذ عن علماء العراقيين، له مؤلفات منها في أصول الفقه الرسالة - ط -، والتي يعدها أكثر الأصوليين أول مؤلف في الأصول، ومنها الأم وغيرهما، مآثره كثيرة. انظر: طبقات الشافعية ١/١٩٢، الشافعي لأبي زهرة، الفتح المبين ١/١٢٧ فما بعدها. ٤ هو: الإمام أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني، المحدث الفقيه، رحل في طلب العلم إلى الكوفة والبصرة ومكة والشام، وغيرها، وأخذ عن الشافعي وغيره من علماء عصره حتى صار إمامًا، وامتحن في عهد المأمون والمعتصم بفتنة القول بخلق القرآن، فثبت على الحق ثباتًا نادرًا، ولد سنة ١٦٤هـ، وتوفي سنة ٢٤١هـ ﵀، له مؤلفات نفيسة منها كتابه المسند في الحديث، ومآثره كثيرة. انظر: الوفيات ١/٦٣، وأحمد بن حنبل لأبي زهرة، والفتح المبين ١/١٤٩.