صورة التعارض:
"قَوله تَعالى: (وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا) [البقرة: ٢٣٤] هَذِه الآيَة يَظْهَر تَعَارُضها مَع قَوله تَعالى: (وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا وَصِيَّةً لِأَزْوَاجِهِمْ مَتَاعًا إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ) [البقرة: ٢٤٠] " (^١).
وهَاتَان الآيَتَان مِمَّا سَأل عَنْهُما ابنُ الزُّبَير ﵁ عُثْمَانَ بنَ عَفَّان ﵁، واسْتَشْكَل كَون النَّاسِخ قَبْل الْمَنْسُوخ.
رَوَى البُخَاري عن ابنِ الزُّبير قال: قُلْتُ لِعُثْمَان بن عفان: (وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا) [البقرة: ٢٤٠] قَال: قد نَسَخَتْها الآيَة الأُخْرَى (^٢)، فَلِمَ تَكْتُبُهَا أو تَدَعُهَا؟ قَال: يا ابْن أخِي لا أُغَيِّر شَيئًا مِنْه مِنْ مَكَانِه (^٣).
جَمْع القرطبي:
قَال القُرطبي في الآيَة الأُولى: وأكْثَر العُلَمَاء عَلى أنَّ هَذه الآيَة نَاسِخَة لِقَولِه ﷿: (وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا وَصِيَّةً لِأَزْوَاجِهِمْ مَتَاعًا إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ) [البقرة: ٢٤٠]؛ لأنَّ النَّاس أقَامُوا بُرْهة مِنْ الإسْلام إذا تُوفِّي الرَّجُل وخَلَّف امْرَأته حَامِلًا أوْصَى لَهَا زَوْجُها بِنَفَقَة سَنَة، وبالسُّكْنَى مَا لَم تَخْرُج فَتَتَزَوّج، ثم نُسِخَ ذلك بأرْبَعَة أشْهُر وعَشْر وبالْمِيرَاث (^٤).