The Approach of Al-Qurtubi in Resolving Apparent Contradictions in Verses in His Book Al-Jami' Li-Ahkam Al-Qur'an
منهج القرطبي في دفع ما يتوهم تعارضه من الآيات في كتابه الجامع لإحكام القرآن
शैलियों
ثم دَافَع القرطبي عن هذا التَّأويل بِقوله:
وأُجيب بِأنه يَجُوز أن يَكُون هَذا تَثْنِيَة جِنْس لا تَثْنِيَة وَاحِد مُفْرَد … فَأحَد الْجِنْسَين نِعْمَة الدُّنيا، والثَّاني نِعْمَة الآخِرَة. وقِيل: نِعْمَتَا الدُّنيا: النِّعْمَة الظَّاهِرَة والنِّعْمَة البَاطِنَة.
وقال: ويَجُوز أن تَكُون اليَد في هَذه الآيَة بِمَعْنَى القُدْرَة، أي: قُدْرَتُه شَامِلَة، فإن شَاء وَسَّع، وإن شَاء قَتَّر (^١).
فانْظُر كَيْف تَحَاشَى إثْبَات مَا أثْبَتَه اللهِ لِنَفْسِه مِنْ صِفَة اليَد، وأثْبَت لَه صِفَة "التَّقْتِير"، بِقَوْلِه: "وإن شَاء قَتَّر" (^٢).
فـ "القرطبي قد تَابَع ابن عطية، فأوَّل هذه الصِّفَات - أعنِي: الوَجْه واليَدَين والأعْيُن - فَخَرَج بذلك عن مذهب السَّلَف" (^٣).
وأمَّا تَأويل صِفَة العُلُو، فهو مِمَّا فُهِم مِنْ قَوْلِه، وصَرَّح به في مَوْضِع واحِد، وهو مع ذلك لا يَقُول بِما تَقُولُه "الْجَهْمِيَّة والقَدَرِيَّة والْمُعْتَزِلَة: هو بِكُلّ مَكَان" (^٤).
فإنَّ القرطبي قَرَّر أنَّ "عُلُوّ الله تَعَالى وارْتِفَاعُه عِبَارَة عن عُلُو مَجْدِه وصِفَاتِه ومَلَكُوته، أي: ليس فَوْقَه فِيمَا يَجِب له مِنْ مَعَاني الْجَلال أحَد، ولا مَعَه مَنْ يَكون العُلُوّ مُشْتَرَكًا بَيْنَه وبَيْنَه، لكنه العَلِيّ بِالإطْلاق سُبحانه" (^٥).
فالقرطبي يُثْبِت عُلُوّ الله بِذَاتِه؛ لأنه يَنْفِي وُجُودَه ﷾ في كُلّ مَكَان.
حيث قال بـ "إثْبَات ذَات غَير مُشَبَّهَة بِالذَّوَات، ولا مُعَطَّلَة عن الصِّفَات (^٦).
_________
(^١) الجامع لأحكام القرآن، مرجع سابق (٦/ ٢٢٦).
(^٢) ولا يُوصَف الله ﷿ إلَّا بِما وَصَف به نفسه، ولم يَرِد وَصْف التقتير في كِتاب ولا في سُنة.
(^٣) المدرسة الأندلسيَّة في التفسير، مرجع سابق (٢/ ٦٤٠)، وانظر: "منهج الإمام القرطبي في أصول الدِّين".
مرجع سابق ص (١٠٣ وما بعدها).
(^٤) انظر: الجامع لأحكام القرآن، مرجع سابق (٥/ ٣٦٠).
(^٥) المرجع السابق (٧/ ١٩٧) بِتَصَرُّف يسير.
(^٦) المرجع السابق (٧/ ٢٨٨).
1 / 29