The Approach of Al-Qurtubi in Resolving Apparent Contradictions in Verses in His Book Al-Jami' Li-Ahkam Al-Qur'an
منهج القرطبي في دفع ما يتوهم تعارضه من الآيات في كتابه الجامع لإحكام القرآن
शैलियों
كان رَجُلًا مُتَوَقِّفًا، فلمَّا سَمع الآيتين في واحدة التَّحْلِيل، وفي أخْرى التَّحْرِيم، ولم يَبلغه النَّسْخ تَوقَّف، ولم يؤخذ عنه ذِكْر النَّسْخ، وإنما تُؤوِّل عليه، وليس يُؤخَذ الناسِخ والْمَنْسُوخ بالتأويل … وقال ابن عباس في بعض ما رُوي عنه: إن الآية عَامَّة في الوَثَنيات والْمَجُوسِيات والكِتَابِيَّات، وكلّ مَنْ على غَير الإسْلام - حَرَام؛ فَعَلَى هذا هي نَاسِخَة للآية التي في "المائدة".
ونَقَل القرطبي عن ابن المنذر قَوله: ولا يَصِحّ عن أحَد مِنْ الأوائل أنه حَرَّم ذلك.
وقال بعض العلماء: وأمّا الآيتان فلا تَعَارُض بينهما، فإن ظَاهِر لَفْظ الشِّرْك لا يَتَنَاول أهْل الكِتَاب، لقوله تعالى: (مَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلَا الْمُشْرِكِينَ) [البينة: ١] فَفَرَّق بينهم في اللفظ، وظَاهِر العَطْف يَقْتَضِي مُغَايرة بين الْمَعْطُوف والْمَعْطُوف عليه، وأيضًا فَاسْمُ الشِّرْك عُمُوم وليس بِنَصّ، وقوله تعالى: (وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ) أي: أوتُوا الكِتَاب مِنْ قَبْلِكم وأسْلَمُوا، كقوله: (وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَمَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ) [آل عمران: ١٩٩] الآية، وقوله: (مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ) [آل عمران: ١١٣] الآية.
قيل له: هذا خِلاف نَصّ الآية في قوله: (وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ)، وخِلاف ما قَالَه الجمهور، فإنه لا يُشْكِل على أحَد جَواز التَّزْوِيج ممن أسْلَم وصَار مِنْ أعْيان الْمُسْلِمين. فإن قالوا: فقد قال الله تعالى: (أُولَئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ) فَجَعَل العِلَّة في تَحْرِيم نِكَاحِهنّ الدُّعَاء إلى النَّار. والجواب أن ذلك عِلة لِقوله تعالى: (وَلَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ)، لأن الْمُشْرِك يَدعو إلى النَّار، وهذه العِلَّة مُطَّرِدَة في جَميع الكُفَّار، فالْمُسْلِم خَير مِنْ الكافِر مُطْلَقًا، وهذا بَيِّن.
1 / 108