The Abridged Book on Night Prayer, Ramadan Prayer, and the Witr
مختصر قيام الليل وقيام رمضان وكتاب الوتر
प्रकाशक
حديث أكادمي
संस्करण संख्या
الأولى
प्रकाशन वर्ष
١٤٠٨ هـ - ١٩٨٨ م
प्रकाशक स्थान
فيصل اباد - باكستان
शैलियों
حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَخْبَرَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، ثنا الْأَعْمَشُ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: جَاءَ النُّعْمَانُ بْنُ قَوْقَلٍ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَقَالَ: إِنِّي أَحْلَلْتُ الْحَلَالَ وَحَرَّمْتُ الْحَرَامَ وَأَدَّيْتُ الْمَكْتُوبَاتِ. أَأَدْخُلُ الْجَنَّةَ؟ قَالَ: «نَعَمْ». وَفِي لَفْظٍ قَالَ النُّعْمَانُ لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ: أَرَأَيْتَ إِنْ صَلَّيْتُ الْمَكْتُوبَاتِ وَأَحْلَلْتُ الْحَلَالَ وَحَرَّمْتُ الْحَرَامَ وَلَمْ أَزِدْ عَلَى ذَلِكَ شَيْئًا أَأَدْخُلُ الْجَنَّةَ؟ قَالَ: «نَعَمْ» وَقَالَ قَتَادَةُ: " ﴿يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ﴾ [المزمل: ١] هُوَ الَّذِي يُزَمِّلُ ثِيَابَهُ " ⦗٢٧⦘ وَعَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ: " زَمَّلْتُ هَذَا الْأَمْرَ فَقُمْ بِهِ: وَ﴿يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ﴾ [المدثر: ١] دَثَّرْتُ هَذِهِ الْأَمْرَ فَقُمْ بِهِ " وَعَنْ أَبِي عُبَيْدٍ قَرَأَ أَبُو جَعْفَرٍ وَنَافِعٌ وَعَاصِمٌ وَأَبُو عَمْرٍو وَالْكِسَائِيُّ الْمُزَّمِّلُ وَالْمُدَّثِّرُ بِالتَّشْدِيدِ وَالْإِدْغَامِ وَكَذَلِكَ نَقْرَأُهُمَا وَعَلَيْهِمَا الْأُمَّةُ وَالْمُزَّمِّلُ الْمُلْتَفُّ بِثَوْبِهِ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: سَمِعْتُ مَنْ أَثِقُ بِخَبَرِهِ وَعِلْمِهِ يَذْكُرُ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ فَرْضًا فِي الصَّلَاةِ ثُمَّ نَسْخَهُ بِفَرْضٍ غَيْرِهِ، ثُمَّ نَسَخَ الثَّانِي بِالْفَرْضِ فِي الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ. قَالَ: كَأَنَّهُ يَعْنِي قَوْلَ اللَّهِ: ﴿يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا أَوْ زِدْ عَلَيْهِ﴾ [المزمل: ٢] ثُمَّ نَسْخَهُ فِي السُّورَةِ مَعَهُ بِقَوْلِهِ: ﴿إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ﴾ [المزمل: ٢٠] إِلَى قَوْلِهِ: ﴿فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ﴾ فَنَسَخَ قِيَامَ اللَّيْلِ أَوْ نِصْفَهُ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ بِمَا تَيَسَّرَ. قَالَ: وَيُقَالُ نَسَخَ مَا وَصَفَ فِي الْمُزَّمِّلِ بِقَوْلِ اللَّهِ: ﴿أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ﴾ [الإسراء: ٧٨] زَوَالُهَا إِلَى ﴿غَسَقِ اللَّيْلِ﴾ [الإسراء: ٧٨] الْعَتَمَةُ ﴿وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ﴾ [الإسراء: ٧٨] فَأَعْلَمَهُ أَنَّ صَلَاةَ اللَّيْلِ نَافِلَةٌ لَا فَرِيضَةٌ، وَالْفَرَائِضُ فِيمَا ذَكَرَ مِنْ لَيْلٍ وَنِهَارٍ. قَالَ: فَفَرَائِضُ الصَّلَوَاتِ خَمْسٌ وَمَا سِوَاهَا تَطَوُّعٌ. وَعَنْ أَبِي عُبَيْدٍ قَرَأَ أَبُو جَعْفَرٍ وَشَيْبَةُ وَنَافِعٌ وَأَبُو عَمْرٍو: ﴿نِصْفَهُ وَثُلُثَهُ﴾ [المزمل: ٢٠] بِالْخَفْضِ وَكَانَ ابْنُ كَثِيرٍ وَعَاصِمٌ وَالْأَعْمَشُ وَحَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ يَقْرَأُونَهَا نَصَبًا ﴿نِصْفَهُ وَثُلُثَهُ﴾ [المزمل: ٢٠] غَيْرَ أَنَّ ابْنَ كَثِيرٍ كَانَ يُخَفِّفُ ثُلُثَهُ. وَقَالَ وَقِرَاءَتُنَا الَّتِي نَخْتَارُهَا الْخَفْضُ لِقَوْلِهِ: ﴿عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ﴾ [المزمل: ٢٠] فَكَيْفَ تَقْدُرُونَ عَلَى أَنْ تَعْرِفُوا نِصْفَهُ مِنْ ثُلُثِهِ وَهُمْ لَا يَحْصُونَهُ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: فَتَأَوَّلَ أَبُو عُبَيْدٍ أَنَّ قَوْلَهُ: ﴿عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ﴾ [المزمل: ٢٠]: لَنْ تَعْرِفُوهُ ذَهَبَ إِلَى الْإِحْصَاءِ فِي الْعَدَدِ. وَقَالَ غَيْرُ أَبِي عُبَيْدٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْعَرَبِيَّةِ، إِنَّمَا قَوْلُهُ: ﴿لَنْ تُحْصُوهُ﴾ [المزمل: ٢٠]: لَنْ تُطِيقُوهُ. وَقَالَ تَقُولُ الْعَرَبُ مَا أَحْصَى كَذَا، أَيْ مَا أُطِيقُهُ. وَقَالَ وَمِنْهُ قَوْلُ النَّبِيِّ ﷺ: «اسْتَقِيمُوا وَلَنْ تُحْصُوا»، أَيْ لَنْ تُطِيقُوا أَنْ تَسْتَقِيمُوا فِي كُلِّ شَيْءٍ يَقُولُ: «سَدِّدُوا وَقَارِبُوا» ⦗٢٨⦘ عَنْ أَبِي صَالِحٍ لَمَّا نَزَلَتْ: " ﴿إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى مِنْ ثُلُثَيْ﴾ [المزمل: ٢٠] إِلَى قَوْلِهِ: ﴿عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ﴾ [المزمل: ٢٠] قَالَ: قَالَ جِبْرِيلُ: أَشُقَّ عَلَيْكُمْ؟ قَالَ: «نَعَمْ». قَالَ: ﴿وَمَا مِنَّا إِلَّا لَهُ مَقَامٌ مَعْلُومٌ، وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ، وَإِنَّا لَنَحْنُ الْمُسَبِّحُونَ﴾ [الصافات: ١٦٤] "، وَعَنْ قَتَادَةَ: «إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَمِنْ نِصْفِهِ وَأَدْنَى مِنْ ثُلُثِهِ» وَقَالَ مُجَاهِدٌ: " تَقُومُ أُدْنِيَ مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَتَقُومُ نِصْفَهُ أَوْ ثُلُثَهُ ﴿وَاللَّهُ يُقَدِّرُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ﴾ [المزمل: ٢٠] " وَعَنِ الْحَسَنِ وَقَتَادَةَ: ﴿عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ﴾ [المزمل: ٢٠]، لَنْ تُطِيقُوهُ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي قَوْلِهِ: ﴿قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا﴾ [المزمل: ٢] أَيْ صَلِّ اللَّيْلَ إِلَّا شَيْئًا يَسِيرًا مِنْهُ تَنَامُ فِيهِ وَهُوَ الثُّلُثُ. ثُمَّ قَالَ: نِصْفَهُ أَيْ قُمْ نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنَ النِّصْفِ قَلِيلًا أَيِ الثُّلُثَ أَوْ زِدْ عَلَى النِّصْفِ إِلَى الثُّلُثَيْنِ. فَلَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ قَامَ النَّبِيُّ ﷺ وَطَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ مَعَهُ وَأَحَدَّ الْمُسْلِمُونَ أَنْفُسِهِمْ بِالْقِيَامِ عَلَى الْمَقَادِيرِ حَتَّى شَقَّ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ ﴿إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ﴾ [المزمل: ٢٠] أَيْ وَتَقُومُ نِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَسَائِرَ أَجْزَائِهِ. ﴿عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ﴾ [المزمل: ٢٠] أَيْ لَنْ تُطِيقُوا مَعْرِفَةَ حَقَائِقِ ذَلِكَ، وَالْقِيَامَ فِيهِ عَلَى هَذِهِ الْمَقَادِيرِ فَتَابَ عَلَيْكُمْ ﴿فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ﴾ رَخَّصَ لَهُمْ فِي أَنْ يَقُومُوا مَا أَمْكَنَ وَخَفَّ بِغَيْرِ مُدَّةٍ مَعْلُومَةٍ وَلَا مِقْدَارٍ. قَالَ: ثُمَّ نَسَخَ هَذِهِ بِالصَّلَوَاتِ الْمَكْتُوبَاتِ. قَالَ: وَلَوْ قَرَأْنَا: ﴿أَدْنَى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفِهِ وَثُلُثِهِ﴾ [المزمل: ٢٠] بِالْخَفْضِ دَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ كَانَ رُبَّمَا قَامَ أَقَلَّ مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَفِي هَذِهِ مُخَالَفَةٌ لِمَا أُمِرَ بِهِ لَأَنَّ اللَّهَ قَالَ لَهُ: ﴿قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا﴾ [المزمل: ٢] إِلَى الثُّلُثِ وَلَمْ يَأْمُرْهُ أَنْ يَنْقُصَ مِنَ الثُّلُثِ شَيْئًا. قَالَ: فَذَهَبَ الشَّافِعِيُّ فِي الْحِكَايَةِ الَّتِي حَكَاهَا وَغَيْرُهُ إِلَى أَنَّ اللَّهَ افْتَرَضَ قِيَامَ اللَّيْلِ فِي أَوَّلِ سُورَةِ الْمُزَّمِّلِ عَلَى الْمَقَادِيرِ الَّتِي ذَكَرَهَا، ثُمَّ نَسَخَ ذَلِكَ فِي آخِرِ السُّورَةِ وَأَوْجَبَ قِرَاءَةَ مَا تَيَسَّرَ فِي قِيَامِ اللَّيْلِ فَرْضًا، ثُمَّ نَسَخَ فَرْضَ قِرَاءَةِ مَا تَيَسَّرَ بِالصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ. ⦗٢٩⦘ وَأَمَّا سَائِرُ الْأَخْبَارِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا عَنْ عَائِشَةَ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَغَيْرِهِمَا فَإِنَّهَا دَلَّتْ عَلَى أَنَّ آخِرَ السُّورَةِ نَسَخَتْ أَوَّلَهَا، فَصَارَ قِيَامُ اللَّيْلِ تَطَوُّعًا بَعْدَ فَرِيضَةٍ بِنُزُولِ آخِرِ السُّورَةِ، فَذَهَبُوا إِلَى أَنَّ قَوْلَهُ ﴿فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ﴾ اخْتِيَارٌ لَا إِيجَابُ فَرْضٍ. وَقَالَ: وَهَذَا أَوْلَى الْقَوْلَيْنِ عِنْدِي بِالصَّوَابِ، وَكَيْفَ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ نَسَخَتْ قِيَامَ اللَّيْلِ، وَالصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ مَفْرُوضَاتٌ فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ، وَالنَّبِيُّ ﷺ بِمَكَّةَ، فُرِضَتْ عَلَيْهِ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِهِ، وَالْأَخْبَارُ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا تَدُلُّ عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ: ﴿فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ﴾ إِنَّمَا نَزَلَ بِالْمَدِينَةِ وَنَفْسُ الْآيَةِ تَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ، قَوْلُهُ: ﴿عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضَى وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَآخَرُونَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ﴾ [المزمل: ٢٠]، وَالْقِتَالُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّمَا كَانَ بِالْمَدِينَةِ. وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: ﴿وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ﴾ [المزمل: ٢٠] الزَّكَاةُ إِنَّمَا فُرِضَتْ بِالْمَدِينَةِ وَفِي حَدِيثِ جَابِرٍ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ بَعَثَهُمْ فِي الْجَيْشِ وَقَدْ كَانَ كُتِبَ عَلَيْهِمْ قِيَامُ اللَّيْلِ، وَبَعْثُهُ الْجُيُوشَ لَمْ يَكُنْ إِلَّا بَعْدَ قُدُومِ النَّبِيِّ ﷺ الْمَدِينَةَ قَالَ: وَيُقَالُ لِمَنْ أَوْجَبَ الْقِيَامَ بِاللَّيْلِ فَرْضًا بِمَا قَلَّ أَوْ كَثُرَ احْتِجَاجًا بِقَوْلِهِ: ﴿فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ﴾، خَبِّرْنَا عَنْهُ إِذَا لَمْ يُخَفِّفْ عَلَيْهِ وَلَمْ يَتَيَسَّرْ أَنْ يَقْرَأَ بِشَيْءٍ هَلْ تُوجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَتَكَلَّفَ ذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يُخَفِّفْ وَلَمْ يَتَيَسَّرْ. فَإِنْ قَالَ: نَعَمْ، خَالَفَ ظَاهِرَ الْكِتَابِ وَأَوْجَبَ عَلَيْهِ مَا لَمْ يُوجِبْهُ اللَّهُ. وَإِنْ قَالَ: لَا يَجِبُ عَلَيْهِ تَكَلُّفُهُ ذَلِكَ إِذَا لَمْ يَتَيَسَّرْ، وَيُخَفِّفُ، فَقَدْ أَسْقَطَ فَرْضَهُ، وَلَوْ كَانَ فَرْضًا لَوَجَبَ عَلَيْهِ خَفَّ أَوْ لَمْ يَخِفَّ كَمَا قَالَ: ﴿انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا﴾ [التوبة: ٤١] وَقَوْلُهُ: ﴿مَا تَيَسَّرَ﴾ [المزمل: ٢٠] يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ نَدْبٌ وَاخْتِيَارٌ وَلَيْسَ بِفَرْضٍ. قَالَ: وَقَدِ احْتَجَّ بَعْضُ أَصْحَابِ الرَّأْيِ فِي إِيجَابِ الْقِرَاءَةِ فِي الصَّلَوَاتِ الْمَكْتُوبَاتِ بِقَوْلِهِ: ﴿فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ﴾ فَأَسْقَطُوا فَرْضَ قِرَاءَةِ فَاتِحَةِ الْكِتَابِ مُتَأَوِّلِينَ لِهَذِهِ الْآيَاتِ فَقَالُوا: إِنَّمَا عَلَيْهِ أَنْ يَقْرَأَ مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ، وَلَا عَلَيْهِ أَنْ لَا يَقْرَأَ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ. ثُمَّ نَاقَضُوا فَقَالُوا: لَابُدَّ أَنْ يَقْرَأَ بِثَلَاثِ آيَاتٍ فَصَاعِدًا أَوْ بِآيَةٍ طَوِيلَةٍ نَحْوَ آيَةِ الدِّينِ أَوْ آيَةِ الْكُرْسِيِّ. فَإِنْ قَرَأَ بِآيَةٍ قَصِيرَةٍ نَحْوَ قَوْلِهِ ﴿مُدْهَامَّتَانِ﴾ [الرحمن: ٦٤] وَ﴿لَمْ يَلِدْ﴾ [الإخلاص: ٣]، لَمْ يَجُزْ وَلَيْسَتْ هَذِهِ الْآيَةُ مِنَ الْقِرَاءَةِ فِي الصَّلَوَاتِ الْمَكْتُوبَاتِ فِي شَيْءٍ. إِنَّمَا نَزَلَتِ الْآيَةُ عَلَى مَا أَعْلَمْتُكَ بِقِيَامِ اللَّيْلِ، وَإِنَّمَا أُخِذَتِ ⦗٣٠⦘ الْقِرَاءَةُ فِي الصَّلَوَاتِ الْمَكْتُوبَاتِ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ كَمَا أُخِذَ عَدَدُ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَسَائِرُ مَا فِي الصَّلَاةِ عَنِ النَّبِيِّ ﵇. وَلِذِكْرِ الْقِرَاءَةِ فِي الصَّلَوَاتِ الْمَكْتُوبَاتِ كِتَابٌ غَيْرُ هَذَا سَنَحْكِي اخْتِلَافَ النَّاسِ وَاحْتِجَاجَاتِهِمْ فِيهَا هُنَالِكَ. وَمَا أَدْخَلْنَا عَلَى الطَّائِفَةِ الْأُولَى فِي إِيجَابِهِمْ قِرَاءَةَ مَا تَيَسَّرَ فِي قِيَامِ اللَّيْلِ دَاخِلٌ عَلَى أَصْحَابِ الرَّأْيِ بِأَنْ يُقَالَ لَهُمْ: خَبِّرُونَا عَمَّنْ لَمْ يَتَيَسَّرْ عَلَيْهِ قِرَاءَةُ شَيْءٍ مِنَ الْقُرْآنِ فِي الصَّلَاةِ وَلَمْ يُخَفِّفْ، هَلْ تُوجِبُونَ عَلَيْهِ أَنْ يَتَكَلَّفَ مِقْدَارَ مَا حَدَّدْتُمْ مِنْ قِرَاءَةِ ثَلَاثِ آيَاتٍ أَوْ آيَةٍ طَوِيلَةٍ. وَإِنْ ثَقُلَ ذَلِكَ عَلَيْهِ وَلَمْ يَتَيَسَّرْ؟ فَإِنْ قَالُوا: نَعَمْ. قِيلَ: فَمِنْ أَيْنَ أَوْجَبْتُمْ عَلَيْهِ قِرَاءَةَ مَا لَمْ يَتَيَسَّرْ عَلَيْهِ؟ وَإِنَّمَا أَمَرَ اللَّهُ بِقِرَاءَةِ مَا تَيَسَّرَ فِي زَعْمِكُمْ، وَيُلْزِمُكُمْ أَنْ تُجِيزُوا لِلْمُصَلِّي إِذَا افْتَتَحَ الصَّلَاةَ أَنْ يَقُولَ أَلْفًا وَيَرْكَعَ وَيَقُولُ: لَمْ يَتَيَسَّرْ عَلَيَّ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ. فَإِنْ أَجَازُوا ذَلِكَ خَالَفُوا السُّنَّةَ وَخَرَجُوا مِنْ قَوْلِ أَهْلِ الْعِلْمِ. قَوْلُهُ: ﴿وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا﴾ [المزمل: ٤] عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: بَيِّنْهُ تَبْيِينًا وَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: إِنِّي سَرِيعُ الْقِرَاءَةِ أَقْرَأُ الْبَقَرَةَ فِي مَقَامٍ. فَقَالَ: لَأَنْ أَقْرَأَ الْبَقَرَةَ فَأُرَتِّلُهَا وَأَقْدِرُهَا أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَقْرَأَ الْقُرْآنَ كَمَا تَقُولُ وَقَرَأَ عَلْقَمَةُ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ وَكَانَ حَسَنَ الصَّوْتِ. فَقَالَ: رَتِّلْ فِدَاكَ أَبِي وَأُمِّي. فَإِنَّهُ زَيْنُ الْقُرْآنِ. قَالَ عَلْقَمَةُ: صَلَّيْتُ مَعَ ابْنِ مَسْعُودٍ مِنْ أَوَّلِ النَّهَارِ إِلَى انْصِرَافِهِ مِنَ الْفَجْرِ فَكَانَ يُرَتِّلُ وَلَا يَرْجِعُ وَيُسْمِعُ مَنْ فِي الْمَسْجِدِ وَعَنْ قَتَادَةَ: بَلَغَنَا أَنَّ عَامَّةَ قِرَاءَةِ النَّبِيِّ ﷺ كَانَتِ الْمَدَّ وَعَنْ مُجَاهِدٍ: ﴿وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا﴾ [المزمل: ٤]. قَالَ: تُرْسِلُ فِيهِ تَرْسِيلًا، وَفِي رِوَايَةٍ قَالَ: بَعْضُهُ عَلَى إِثْرِ بَعْضٍ وَعَنْ حَفْصَةَ ﵂. كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَقْرَأُ بِالسُّورَةِ فَيُرَتِّلُهَا حَتَّى تَكُونَ أَطْوَلَ مِنْ أَطْوَلِ مِنْهَا
1 / 26