136

आधुनिक कविता की क्रांति

ثورة الشعر الحديث من بودلير إلى العصر الحاضر (الجزء الأول) : الدراسة

शैलियों

على الملامح البديعة!

صولجان الشطآن الوردية

الآسنة فوق الأمسيات الذهبية،

هو هذا الرفيف الأبيض المطوي

الذي تسندينه على نار أسورة.

43

في هذه القصيدة حدثان، أحدهما مادي والآخر عقلي. أما الأول فهو في منتهى البساطة: مروحة في يد فتاة رقيقة، والمروحة تفتح ثم تطوى. هذا الحدث البسيط يتفق تمام الاتفاق مع حدث عقلي أو روحي آخر، بل يكاد يرمز له. فالمروحة تجسد الرغبة الضالة (بلا طريق) في الارتفاع إلى أعلى، أي إلى المثال البعيد غير المحدود. غير أن «الفضاء» - الذي يقوم مقام هذا المثال - يرتعش كالقبلة الكبيرة التي جن جنونها إذ ولدت فلم تجد أحدا يتلقاها، فلا هي تستطيع أن تنبثق ولا هي قادرة على أن تهدأ أو تستريح. القبلة إذن تقاسي من العزلة، وكذلك المطلق معزول، لأن «قبلته» لا تجد العقل أو الروح الذي يتلقاها. لذلك تطوى المروحة أي تخيب الرغبة المتطلعة للمثال، فتنطوي على نفسها، ولا يبقى منها غير «الابتسامة المدفونة»، أي الوعي بالفشل المزدوج. هل ضاع كل شيء؟ لن يبقى شيء واحد: شواطئ وردية راقدة على ذهب الأمسيات، أي ذلك البريق الذي يشعه المطلق. يبقى من ناحيتين؛ فهو لا يتقدم للأمام ولا يصبح ضوءا كاملا، ولكنه يبقى في الكلمة التي تخلده، الكلمة التي جربت عبثا أن تعانق المستحيل. الكلمة إذن عاجزة، ولكن العدم يستطيع - على الرغم من عجزها ومن عزلته - أن يجد فيها مكانا يحل فيه. والمقطوعة الأخيرة تعبر عن هذا بطريقتها الرمزية حين تقول: «إنه هو، الرفيف الأبيض المطوي، الذي تسندينه على نار أسورة.» ولا بد أن القارئ قد أحس بروح الكآبة والاستسلام والمرارة التي تسري في هذه القصيدة المعتمة الجميلة!

أما القصيدة الثانية فهي «أغنية صغيرة»، يعطيها الشاعر رقم «2» (ص66). ويصعب ترجمتها ترجمة مفهومة، لأنها تخالف بناء العبارة في اللغة الفرنسية، وتقدم الحال والفعل والإضافة على الفاعل، ربما لتشعر القارئ بأنها بهذه الإطالة تريد أن تؤخر الحقيقة التي تنطق بها لتزيد من أهميتها، ولنحاول أن نقدم الأغنية في ثوب نثرى يقرب معناها فهي تحكي عن صوت غريب جامح، دوى في الغابة الصغيرة في «غضب وسكون» وضاع في الأعالي، بينما راح يلاحقه بالأمل والرجاء. لم يتبع الصوت أي صدى، فهو صوت طائر لا يتاح للإنسان أن يسمعه مرتين في حياته. هذا الموسيقي القاسي (الطائر) يشهق شهقة معذبة، ولكنها تتلاشى مع الشك فيما إذا كانت تنبعث من صدره أو من صدر الشاعر. وأخيرا يسقط الطائر ممزقا على أحد الدروب!

ويبدو من القراءة الأولى للأغنية الصغيرة أنها تعبر عن تجربة مؤلمة فشل فيها الشاعر - الذي يتحدث فيها بضمير الأنا - في تحقيق مثل أعلى، ولكن القراءة الثانية ستكشف عن نجاحه في التعبير عن فعل أنطولوجي وتوفيقه في خلق الصورة الملائمة له.

فالصوت الجامح يتردد من الأعالي في نغمة معذبة هادئة، لكي يقهر بعد ذلك ويضيع. وهو يتردد في نفس اللحظة التي يتطلع فيها «أملى إليه» (أي نزوعي إلى المطلق). إنه صوت طائر لا يسمعه الإنسان في حياته مرتين، أي صوت المطلق. غير أنه يصمت ولا يصل إلى السامع، على الرغم من إلحاحه ودويه المجنون. فهو إذن - أي المطلق - منعزل وبعيد، مهما صدر عنه من إشارات أو إشعاعات أشبه بالفنارة الغارقة في ظلمات الليل والبحر. ثم تند شهقة لا نعلم مصدرها، وتتلاشى في غمرة الشك. أتكون قد انبعثت من صدري لأنني لم أسمع صوت الطائر (المطلق) أم انبعثت من صدر المطلق لأن صوته لم يصل إلي؟

अज्ञात पृष्ठ