इस्लाम की क्रांति और नबियों के नायक: अबू अल-कासिम मुहम्मद बिन अब्दुल्लाह
ثورة الإسلام وبطل الأنبياء: أبو القاسم محمد بن عبد الله
शैलियों
لعمري! لقد لاحت عيون كثيرة
إلى ضوء نار باليفاع تحرق
تشب لمقرورين يصطليانها
وبات على النار الندى والمحلق
وسار الشعر وشاع في العرب، فما أتت على المحلق سنة حتى زوج أخواته الثلاث كل واحدة على مائة ناقة فأيسر وشرف (بلوغ الأرب، ص162، ج2)، والفضل في يسره وشرفه وتزويج أخواته يرجع إلى اعتلاج الكبد والسنام والخمر في جوف الأعشى! وشعر أعشى قيس في هذا المعنى من أعف الشعر؛ لأنه أدب معدة، فما بالك بشعر امرئ القيس وطرفة بن العبد؟! وهذا ليس بكثير على أمة كان القوت الضروري همها الأول، يدركها الجهد وضنك العيش حتى توالت عليها سنون تسع في الجاهلية حطمت كل شيء، فيمكث الرجل سبعا لا يطعم إلا ما يناله بعيره أو من حشرات الأرض، حتى ليشد على بطنه حجرا من الجوع (حديث غيلان بن خرشة لزياد في المحاسن والمساوئ، ص99، ج2).
أما حياتهم العقلية وحالتهم الروحية فكانت أدهى وأضل سبيلا؛ لأن عمدتهم في أعمالهم وتوجيه وجودهم كانت على الكهان والكواهن كطريفة الكاهنة في أرض سبأ (المسعودي، ص344، ج1) وعفيراء في اليمن (الأغاني، ص21، ج10) وكاهنة بني سعد في الشام وهي التي أفتت بفداء عبد الله بن عبد المطلب بمائة ناقة (ابن هشام، ص103، ج1) وسطيح الأشهر (الطبري، ص131، ج2)، وكانوا يؤمنون بالسحر الأسود وتقمص أرواح البشر في الحيوان والحشرات والعظايا (الأغاني، ص125، ج4) وسواحر الحبشة اللواتي جعلن من عمارة بن الوليد المخزومي كائنا وحشيا يرد الماء مع الوحوش ويهرب إن وجد ريح الإنس ويعتقد أنه يموت إذا لمسه البشر! وكان شعره قد غطى على كل شيء منه (الأغاني، ص56، ج9)، وهو الشاب الذي قدمته قريش ثمنا لمحمد
صلى الله عليه وسلم .
لقد كان فيهم طبيب واحد هو الحارث بن كلدة، وهو طبيب العرب في عصره، ولكنه ولد بالطائف، وهي أخصب بقعة في الحجاز، يأكل أهلها القمح والفواكه ويرون الماء والخضرة، وكان ميسورا؛ فقد سافر إلى فارس فتعلم الطب وعرف الداء والدواء وسافر إلى اليمن فتعلم الموسيقا، وكان طبه محصورا في الحمية والكي بالنار وتدبير الطعام والشراب واختيار النساء (العقد الفريد، ص341، ج4)، وكان لهم واعظ واحد ولكنه لم يكن مشركا ولا حجازيا، بل كان أسقفا في نجران (ومن هنا اسم قس)؛ فهو مسيحي، وقد وصفه بعض كتاب العرب بأنه خطيب العرب قاطبة والمضروب به المثل في البلاغة والحكمة والموعظة الحسنة، وقد يغشى المحافل العامة ومواسم الأسواق ليعظ فيها على طريقة المبشرين في هذا الزمان في «الموالد»، وقد اتخذ من ناقته الحمراء منبرا! وسمعه النبي
صلى الله عليه وسلم
قبل البعثة يخطب بعكاظ فلم يحفظ شيئا من خطبته. وكلام الرجل نوع من أسجاع الكهان لا أكثر ولا أقل، ولم يؤثر عنه شيء غير خطبة عكاظ؛ لأنها شرفت باستماع النبي لها، مع أن قسا هذا عمر طويلا ومات قبيل البعثة. وكان هذا الرجل مبالغا في ذكر مصادر تعليمه؛ فقد زعموا أن ملك الروم بعث إليه فسأله عمن حملت الحكمة؟ قال: عن عدة من الفلاسفة (المحاسن والمساوئ، ص351) ولم يذكر اسم واحد منهم وهو لم يتلق شيئا إلا عن الإنجيل الذي استساغ حكمته والكهان الذين انطبع في نفسه أسلوبهم، أما ما نسب إليه من الشعر وجوامع الكلم فموضوع ومختلق، ولا سيما ما نسب إليه من الكلام في زجر الطير كقوله: «نحن معاشر العرب مولعون بزجر الطير.» لأن المولعين بزجر الطير كانوا أهل الوثنية من الحجازيين. وكانت معقوليتهم المحدودة توهمهم بأن الغراب أصدق الطير زجرا لورود ذكره في الأساطير القديمة قبل القرآن في قصة قابيل وهابيل، فإن التاريخ الديني يحدثنا بأن قابيل قتل أخاه هابيل بسبب الغيرة؛ فهو أول من اقترف جريمة هووية، وما عرف كيف يواري جثة أخيه فحمله في جراب على ظهره وظل مضطربا حائرا قلق النفس ملتاع الفؤاد، وفاحت رائحة الجثة وناء قابيل بحملها، فهبطت رحمة الله إبقاء على آدم وولديه، ولا بد أن يكون الدرس الذي يتلقاه القاتل قاسيا، وما هو بأهل للوحي ولا الإلهام، بل لا بد أن يكون تلميذا للغراب، بل لغراب قاتل، يتضاءل فهمه أمام حنكة ذلك الطير الأسود والنوحي المنبوذ، فبعث الله غرابين فاقتتلا حتى قتل أحدهما عدوه ثم حفر له بمنقاره قبرا ووارى جثته تحت التراب، فتحركت إنسانية قابيل وقال يا ويلتا أعجزت أن أكون مثل هذا الغراب؟! والمدهش في أمر عرب الجاهلية أنهم لم يتخذوا منذرا ولا بشيرا من الطير غير الغراب الأسحم، فمنهم من يقتل حية ويعثر على كنز بفضل الغراب (نهاية الأرب، ص140، ج3).
अज्ञात पृष्ठ