فغمغم بعلزبول قائلا: هذا ما اكتسبه شعبي من أشقياء الأرض الملاعين.
وصاحت فينوموس: ليحي الشعب، ليحي الاتحاد، لتحي راية الأمة الجهنمية، لتحي حكومة الشعب.
وكان الرجماء من ورائها يرددون هذه الهتافات.
وما أصبح المجال بين الفريقين على قاب قوسين حتى توقفت المظاهرة، ورفع قادة الجمع أكفهم يعنون إسكات الجمع وتهدئة ثائره؛ لكي يفهموا ماذا يهتف الرجماء.
عند ذلك تقدمت فينوموس إلى مقدمة المظاهرة وأمسكت بطرف العلم الأول، وقبلته قبلات عديدة وهي تصيح: «(ليخفق) علم الشعب متعاليا»، فردد الجمهور هتافها، وقابله قادة المتظاهرين بالهتاف: لتحي ذات الدهاء فينوموس، ليحي ذو الجبروت بعلزبول.
ثم زجت فينوموس نفسها بين القادة وهي تقول: الدولة تشكر للشعب مظاهرته الابتهاجية في حفلة النصر، وتمتن لما أبداه من العواطف نحو الوزارة التي بسطت اليوم تقارير أعمالها المجيدة في حرب الملكوت البشري.
فتصدى لها كبير القادة وقال: ليست هذه مظاهرة ابتهاج يا سيدتي الموقرة، بل هي مظاهرة شكوى وتذمر. - أتذمر من جهاد عظيم لم يسبق له نظير؟ أشكوى من نصر باهر لم نكن نحلم به؟ - بل هي شكوى من أماني موعودة لم تحقق، وتذمر من تبجح بنصر وهمي. لقد سئم الشعب الانتظار عدة أدهار على أمل الانتصار، وضجر من آمال كالآل (السراب)، ولم يعد يطيق صبرا على هذه الحال، بل يبتغي تقرير المآل. - حسن ما يبتغيه الشعب، فليتفضل بانتخاب لجنة عنه تشترك مع جماعة الرجماء في تقرير المصير، فالحكومة تستند إلى الشعب، والوزارة لا تستغني عن مشورة الأمة، هلموا أيها الزعماء الأبطال معنا إلى دار الدولة لكي نتشاور في الأمر، اجمع زملاءك واتبعونا وفدا من قبل الشعب.
وارتدت فينوموس إلى جماعة الرجماء وقالت: لقد سكنت العاصفة، ولم يبق إلا النسيم يهب بتؤدة، فلنعد إلى الدار حيث نتنسم نسيم أخبار هذه الثورة، ولكل مقام مقال.
فقال بعلزبول: لا عدمتك داهية يا حبيبة القلب، هل أنت واثقة من أن النسيم الباقي ليس ريح سموم؟ - لكل سم ترياق يا عزيزي، فتشجع. - سمعت الهتاف للجمهورية، فهل الدولة دائلة؟ - وماذا يضيرك أن تسمى الدولة جمهورية، وأن يسمى ملك الدولة رئيسا للجمهورية؟ فالدولة تبقى دولتك، ولا يتغير إلا الأسماء.
فسري عن بعلزبول وتنهد الصعداء.
अज्ञात पृष्ठ