انبرى صاحب الصولة فيرومارس وقال ساخطا: أنا صاحب الحول والطول، أنا الذي أقام قيامة الحرب العظمى، وأنا الذي تحاولون أن تغمطوا فضله وتحقروا فعله.
فقال بعلزبول: ما الداعي لهذا التشكي يا فيرومارس. - كلما جاءت نوبتي في الكلام انتدبتم غيري، فما معنى هذا إلا التحقير لجهادي. - أنت مخطئ، نحن نتتبع أنواع الجهاد بحسب تسلسلها، ومساعي ميديوموس كانت تمهيدا لمساعي أرجنتوس.
فانبرى انفنتورس وزير الاختراع وقال: ومساعي أرجنتوس تمهيدا لمساعي التي هي تمهيد لمساعي فيرومارس.
فقال فيرومارس متمرمرا: أرأيت يا سيدي الملك كيف يجعل العامل الفعال آخرا؟ هذا ما لا أطيقه، أحتج وأنسحب وأتنازل عن المكافأة.
فقال فينوموس: معاذ الله أن نقبل انسحابك يا صاحب الصولة، بإذن جلالة الرئيس تكلم.
فهدأت حدة فيرومارس وطفق يتكلم: ما دامت بزور الشهوات تنبت فنبتها يزهر وزهورها تثمر وثمارها العداء والخصام، فالنزاع طبيعة في الإنسان، والقتال حتم عليه سواء كان لأجل الأديان أو في سبيل الأوطان، والعبرة في أساليب القتال التي تسقي الأرض دماء، ولا تشبع منها الأرض مهما أمطرت منها السماء إلى أن ينضب معين الملكوت الأعلى، ويتخم بطن الملكوت الأسفل.
تعددت الأسباب والحرب واحدة، فإذا لم يقتتل البشر لأجل الدين اقتتلوا لأجل المال، اقتتلوا لأجل الحب، وإن لم يقتتلوا لأجل الحب اقتتلوا لأجل البغض، فهم يقتتلون على كل حال، والعبرة في درجة احتدام القتال وفي اندفاع الجماهير إلى ساحة النزال، وفي حصد الرءوس «بالجملة» لا «بالقطاعي»، وهذا ما فعله خادمكم المطيع.
جندت الذكور شبانا وكهولا، وشغلت النساء والأطفال والشيوخ في مصانع السلاح، فجميع النساء استخدمت في الحرب.
حولت معامل السلع إلى معامل سلاح وذخائر.
حولت الاختراعات إلى أدوات الهلاك: الحديد للمدافع والدبابات والقطرات المصفحة والغواصات والبوارج والنسافات والأسلاك الشائكة والقنابل، وحولت الكيمياء التي يفاخر بها العلماء إلى مفرقعات وقذائف وغازات سامة ومكروبات فتاكة، والكهرباء إلى صوارع،
अज्ञात पृष्ठ