ولكنها تكلمت عن الإشاعات في الوسط الصحفي، وذكرت مسكنها القديم في المنيل وكيف كانت عودتها المتأخرة إلى البيت تثير القيل والقال بين الجيران. - ولما قالت ماما لهن إن عملها في الصحافة يضطرها إلى ذلك، قلن وما الذي اضطرها للعمل في الصحافة؟!
فقال رجب: لكنك تقيمين الآن في شارع قصر العيني.
وأراد مصطفى راشد أن ينكش أنيس لعله يجدد ثورة الأمس فيبدد وجوم المجلس، ولكنه لم يخرج من عالمه. كان يفكر في الحلقات المفرغة التي تحاصره كل يوم؛ كشروق الشمس وغروبها، وبزوغ القمر وأفوله، والحضور والانصراف في الوزارة، والإقبال والإدبار في الجلسة، والصحو والنوم، تلك الحلقات المذكرة بالنهاية، والتي تجعل من أي شيء لا شيء، وقد دار معها الآباء والأجداد، وتنتظر الأرض انتظارا لا يعرف الجزع؛ لتستمد من آمالنا ومسراتنا أسمدة لتربتها. فلا بأس أن تحتدم الأشواق في سحابات الدخان المضمخ بشذا السحر المحرم الغامض.
أما ليلى فتعذب نفسها بالحب العقيم، وتوغل في الفضاء كسفينة كونية أفلتت من مدارها. وإله الجنس يمد ساقه حتى استقر حذاؤه الأبيض لصق المجمرة، وهو يرامق الفتاة المزعجة اللذيذة بنظرات متسللة من عينيه السوداوين الجذابتين. وكلام كثير قيل عن سناء وخطيبها، ولكن رجب لم يشترك فيه. ولما انتبه الصحاب إلى انهماكه الكلي في سمارة، قال مصطفى راشد: نحن سعداء إذ نعاصر قصة حب كبير.
فقال خالد عزوز: فلنسمه باسمه الحقيقي.
فقال أحمد نصر: بالله لا تفسد علينا الحلم.
فقالت ليلى زيدان: الجديد فيه أن أحد طرفيه إنسان جاد.
وتساءل خالد عزوز: ترى ما موقف محبة جادة من محب عابث؟
فأجاب رجب: تطهره من عبثه. - وإذا كان العبث جوهره الذي لا يتغير؟ - لا مفر من انتصار الحب في النهاية.
وضحكت سمارة هازئة، فقال خالد: يهمني أن أرى فتاة جادة وهي تحب؛ إذ إن انزلاق قدم وزير أضحك بكثير من انزلاق قدم بهلوان.
अज्ञात पृष्ठ