لم تفاجأ بالسؤال فيما بدا، وقالت ببساطة موحية بالصراحة: أهم ما يشغلني الآن هو أن أجرب نفسي في كتاب المسرحية.
فقال مصطفى راشد بخبث: المسرحية لا تكتب لغير ما سبب!
جذبت نفسا متمهلا من السيجارة وهي تضيق عينيها متفكرة مترددة، فابتسم علي السيد ابتسامة نمت على مشاركة وجدانية، وقال يشجعها: واضح أن جو عوامتنا لا يتقبل من الحديث إلا السخرية والعبث، ولكنك فتاة قوية فيما أعتقد، وعليك أن تتحدي جونا.
فأرخت عينيها كأنما تنظر إلى المجمرة وقالت: ليكن. الحق أني أومن بالجدية!
وانهالت الأسئلة: أي جدية؟ الجدية لحساب أي شيء؟ أليس من الجائز أن نؤمن بالعبث بجدية؟ والجدية تتضمن أن يكون للحياة معنى، فما المعنى؟ وصاح رجب: أمامكم ساحرة ستحول بقلمها المهزلة إلى دراما هادفة. ولكن هل تؤمنين حقا بذلك؟ - أود ذلك. - تكلمي بصراحة، خبريني كيف. لا شك أننا نرحب من قلوبنا بهذه المعجزة.
وتذاكروا الأسس العالية التي استقر عليها المعنى قديما، وسلموا بأنها ذهبت إلى غير رجعة، فعلى أي أساس جديد نقيم المعنى؟ وقالت بإيجاز: إرادة الحياة!
وتبادلوا الأفكار. إرادة الحياة شيء صلب مؤكد، ولكنها قد تفضي إلى العبث. أجل ما المانع؟ وهل تكفي لخلق الباطل؟ ثم إن البطل هو من يضحي بإرادة الحياة نفسها في سبيل شيء آخر هو أسمى في نظره من الحياة، فكيف يتأتى ذلك الشيء العجيب؟ - ما أعنيه هو أن نتجه عند البحث إلى إرادة الحياة نفسها، لا إلى أساس يتعذر الإيمان به، إرادة الحياة هي التي تجعلنا نتشبث بالحياة بالفعل، ولو انتحرنا بعقولنا؛ فهي الأساس المكين المتاح لنا، وقد نسمو به على أنفسنا.
فقال مصطفى راشد: يمكن تلخيص فلسفتك بأنها تستبدل بشعار «من فوق لتحت» شعار «من تحت لفوق»! - لا فلسفة هناك، ولكن هذا هو همي الأول، وقد جاء دوركم.
عليكم اللعنة. ليس أعدى للكيف من التفكير. وعشرون جوزة كادت تضيع هباء. ولا شيء يبدو راسخ الإيمان كشجرة البلح. كما أن إصرار الهاموش يستحق الإعجاب. ولكن إذا فقدت أنات عمر الخيام حرارتها، فقل على الراحة السلام. وجميع هؤلاء الساخرين تكوينات ذرية. وها هو كل فرد منهم ينحل إلى عدد محدود من الذرات، فقدوا الشكل واللون، اختلفوا تماما، ولم يعد منهم شيء يرى بالعين المجردة، وليس ثمة هناك إلا أصوات.
صوت رجب القاضي: همي الأول هو الفن.
अज्ञात पृष्ठ