لا نريد أن نمحو فضلا لصاحب فضل، ولا أن نبخس حقا لصاحب حق، ولا أن نبطل احتكار المزايا الإنسانية على أناس لكي ننقل هذا الاحتكار إلى أناس آخرين.
كل ما نريده أن ندفع شبهات القصور الأبدي المفترى على أمة عريقة حية، كان لها فضلها العميم على الإنسانية، ويرجى أن يكون لها فضل مثله أو يفوقه على أجيالها المقبلة، وهي في مقامها الأوسط بين القارات، وبين العقائد والثقافات.
ولقد كان نصيب الأمة العربية من تلك الشبهات «نصيب الأسد» إن صح هذا التعبير، فأصابها منها أكبر نصيب تصاب به الأمم، منذ أيام الشعوبية إلى أيام الاستعمار والتبشير والآرية والشيوعية!
كان يقال عن العرب: إنهم بعثوا بالدين ولم يبعثوا بالدنيا.
وكان يقال: «إنه لا يفلح عربي إلا ومعه نبي».
وكان يقال: إنهم لا يصلحون في دولتهم وفي غير دولتهم إلا محكومين.
وقالوا: إن العرب لا يحسنون صناعة الحكم، ولولا ذلك لما خرجوا من الأندلس بعد الغلبة عليها عدة قرون.
وقالوا: إنهم لا يحسنون فنون الحضارة، ولولا ذلك لكان لهم فن جميل غير نظم القصيد.
وقالوا: إنهم لا يحسنون من أعمال المعاش غير ما تعودوه في البادية من رعي الإبل والماشية، ولولا ذلك لما غلبهم طراق بلادهم من الغرباء على أسباب المعيشة.
وكل أولئك الدعاوى الكبار أضعف من أن تثبت على النظر المتأمل لحظات، فضلا عن الثبات في مجرى التاريخ .
अज्ञात पृष्ठ