وأضل من خذله بعدله ويسر المؤمنين لليسرى وشرح صدورهم للذكرى فآمنوا بالله بألسنتهم ناطقين وبقلوبهم مخلصين وبما أتتهم به رسله وكتبه عاملين وتعلموا ما علمهم ووفقوا عند ما حد لهم واستغنوا بما أحل لهم عما حرم عليهم "أما بعد" أعاننا الله وإياك على رعاية ودائعه
ــ
أرشده وبين له سبيل الخير والشر قال تعالى: ﴿وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ﴾ والتوفيق خلق قدرة الطاعة في العبد بمحض الفضل وضده الخذلان وهو إضلال من خذله بعدله ولا حجر عليه في ذلك لما له من تمام الملك وسعة التصرف ولذا نفى عن نفسه الظالم قال تعالى: ﴿وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ﴾ والظلم التصرف في ملك الغير كيف ولله ملك السموات والأرض "ويسر المؤمنين لليسرى" أي هيأهم للأعمال الموجبة لسعادة الدارين قال تعالى: ﴿وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ﴾ "وشرح صدورهم للذكرى" أي فتح ووسع قلوب المؤمنين للإيمن فهم على نور من ربهم: ﴿أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ﴾ "فأمنوا الخ" أي نطقوا بألسنتهم وأذعنوا بقلوبهم ووقفوا على ما حد لهم من الأعمال فامتثلوا المأمورات واجتنبوا المنهيات واستغنوا بما أحل لهم بالنص عما حرم عليه بالنص "أما بعد" هي فصل الخطاب فهي للفصل بين كلامين "أعاننا الله وإياك" قصد بهذه الجملة إنشاء الدعاء له ولمن حمله على تأليف الرسالة وهو الشيخ محرز بفتح الراء "على رعاية ودائعه" أي حفظ ما أودعه فينا من الجوارح السبعة السمع والبصر واللسان واليدان والرجلان والبطن والفرج وجعلت ودائع تشبيها لها بالودائع من المال
1 / 4