وقال المؤيد بالله لنفسه : يجوز مع الغنى ، ورجحه الأمير الحسين لنص الخبر على ذلك، وهو قوله : ((لا تحل الصدقة لغني إلا لخمسة: رجل اشتراها بماله، أو أهديت له، أو عامل عليها، أو غاز في سبيل الله، أو غارم )).
قيل: والمراد بما ذكر المؤيد بالله إذا لزمته الديون في المصالح العامة.
وقولنا: إذا لم يلزمه الدين في المعصية أما مع إصراره فذلك ظاهر، وأما مع توبته فالذي ذكروا للمذهب أنه لا يعطى إلا قوته، وذكر في الإفادة أن الفقير إذا لزمته الديون في السرف فله إذا تاب أن يقضيها من الأعشار والزكوات إذا وقعت إليه، ولعل هذا وفاق إذا أعطاه لأجل الفقر لا لأجل قضاء الدين.
وقد روي في التهذيب عن عائشة ,وابن عمر، ومجاهد, وقتادة, والزهري: أن المراد بالغارم من لزمه الدين في غير معصية ولا سرف.
وقال الأصم: هو من تحمل الحمالات لإصلاح ذات البين.
وعن قتادة: هو من احترق بيته أو ذهب ماله بالسيل.
وقال أبو حنيفة وأصحابه: من كان دينه يستغرق ماله أو يبقى من ماله زائد على الدين بدون النصاب.
وللشافعي قولان في الغني إذا استدان لمصلحة نفسه ولعله يرجع إلى قول أبي حنيفة ،
وتتعلق بهذه الجملة فائدتان:
الأولى: إذا كان دينه أكثر من نصاب فمن شرط الفقر لم يأخذ إلا دون النصاب، ومن جوز مع الغنى أجاز له أخذ ما يقضي الدين، وإن كان أنصبة، ولو كان دينه دون النصاب لم يأخذ زيادة على دينه لكونه غارما، بل لكونه فقيرا، فلو أخذ ثم أبراه الغريم أو تبرع عنه الغير رد ما أخذه ، ذكره في مهذب الشافعي .
الثانية من الانتصار: إذا أوصى الميت من يقبض له الزكاة لقضاء دينه لم يصح؛ لأنه إنما يوصي فيما يملك.
وأما صحة التبرع عن دينه من سهم الغارم فقال أبو حنيفة وأحمد: لا يجوز؛ لأنه لابد أن يملك الفقير والميت لا يملك.
وقال بعض أصحاب الشافعي : يجوز واختاره الإمام يحيى لعموم قوله تعالى: {والغارمين}.
पृष्ठ 27