ومذهب أكثر الأئمة, والشافعي :أنه غير واجب، ويحملون هذا على الاستحباب، واحتجوا أنه صلى الله عليه وآله وسلم لم يسجد عند أن قرأ عليه زيد بن ثابت النجم، وقد روي أنه سجد، فلما فعله مرة وتركه مرة دل أنه ليس بواجب، واحتجوا أيضا بما روي أن عمر بن الخطاب قرأ السجدة يوم الجمعة وهو على المنبر فنزل وسجد وسجدوا معه، ثم قرأها في الجمعة الأخرى فتهيؤا للسجود فقال عمر: على رسلكم إن الله لم يكتبها علينا إلا أن نشاء، وكان ذلك بحضرة المهاجرين والأنصار، ولم ينكر عليه، واحتجوا بأنها لو كانت واجبة لم يفعلها من قعود على الراحلة في السفر، وبأنها لو كانت واجبة لبطلت الصلاة بتركها، احتج الموجبون بقوله تعالى في سورة الانشقاق: {وإذا قرئ عليهم القرآن لا يسجدون} فذمهم على السجود، أجبنا بأن ذلك في الكفار، أو أراد الخضوع.
قالوا: قال تعالى: {إنما يؤمن بآياتنا الذين إذا ذكروا بها خروا سجدا}
أجبنا: بأنه أراد سجود الصلاة أو الخضوع، أو الاستحباب؛ لأن ذلك لا يكون شرطا في الإيمان إجماعا.
أما استثمار استحباب الخشوع والبكاء فذلك ظاهر، وفي الحديث عنه صلى الله عليه وآله وسلم: ((اتلوا القرآن وابكوا، فإن لم تبكوا فتباكوا)).
وعن صالح المري-رضي الله عنه-: قرأت القرآن على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في المنام فقال: ((يا صالح هذه القراءة فأين البكاء)).
وعن ابن عباس: إذا قرأتم سجدة سبحان الله فلا تعجلوا في السجود حتى تبكوا، وإن لم تبك عين أحدكم فليبك قلبه.
وعنه صلى الله عليه وآله وسلم: ((إن القرآن نزل بحزن، فإن قرأتموه فتحازنوا)) هكذا في الكشاف قال فيه: وقالوا يدعو في سجود التلاوة بما يليق بآيتها، فإذا قرأ آية تنزيل السجدة قال: اللهم اجعلني من الساجدين لوجهك، المسبحين بحمدك، وأعوذ بك أن أكون من المستكبرين عن أمرك.
पृष्ठ 200