الوجه الثاني: أنه كان صغيرا، وهذا محكي عن ابن عباس وغيره، وإذا كان كذلك فما المبيح لقتلة؟
قلنا: في ذلك وجوه:
الأول: يوافق القياس في شريعتنا، وهو أن ذلك كالدفع عن الغير إذا فرض أنه قاطع طريق.
الثاني: أن الخضر -عليه السلام- علم أنه إذا أدرك (1) كان على العصيان.
وروي عن ابن عباس أن نجدة الحروري كتب إليه كيف جاز قتله، وقد نهى النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن قتل الولدان؟ فكتب إليه: إن علمت من حال الولدان ما علم عالم موسى فلك أن تقتل. ونجدة كان خارجيا منسوب إلى حرورا- بالمد والقصر- وهو اسم موضع قريب من الكوفة :ذكره ابن الأثير.
الوجه الثالث: أن في قتله لطفا لأبويه، واللطف الذي يدفع عن الطغيان والكفر واجب ولهذا بين الخضر الوجه بقوله: {فخشينا أن يرهقهما} قيل: هو من قول الخضر، وقيل: من قول الله: عن الأصم.
أسألة كلامية:
الأول: أن يقال: كيف يحسن إنزال المضرة بإنسان ليكون لطفا لآخر؟ جوابه أن اللطف تابع لنفع من أنزلت به المضرة (2) ، وذلك تعويضه وإدخاله الجنة فحصل بقتله أمران اللطف والعوض.
الثاني: أن يقال هل يستوي في حصول اللطف الموت والقتل؟
قال الحاكم: ذلك يختلف، قد يكون الموت لطفا دون القتل فيجب الموت وعكسه، فيجب القتل ويستويان فيخير.
الثالث: أن يقال هل يحسن منا إن علمنا كما حسن من عالم موسى جوابه؟
पृष्ठ 191