أما أكل اللحم: فذلك إشارة إلى إباحة صيده، والآية مجملة لم تبين ما يؤكل من أجناس السمك، وقد قال تعالى في سورة المائدة: {أحل لكم صيد البحر}، واختلف العلماء فقال: مالك, وابن أبي ليلى, والأوزاعي ,ومجاهد: يحل جميع حيوان البحر.
وقال الشافعي: يحل ما لا يعش إلا في الماء.
وقال الإخوان وبعض أصحاب الشافعي : ما كان نظيره حلالا في البر حل في البحر.
وأما قوله تعالى:{لتأكلوا منه لحما طريا} فخص الطري بالإباحة؛ لأنه إذا طال عليه الزمان أنتن ففي ذلك إشارة إلى أنه يحل، وهذا إذا صار بحيث يستخبث ويعاف؛ لأنه يصير من الخبائث، وقد قال تعالى في سورة الأعراف: {ويحرم عليهم الخبائث}.
فأما إذا أتت على وجه لا يستخبث فإنه يكره أكله، وكره في الشرح كما يكره أكل لحم الجلالة؛ لأنه يكتسب رائحة النجاسة.
وأما إباحة الحلية: فذلك كاللؤلؤ والمرجان.
وقوله: {تلبسونها} أي : يلبسها نساؤهم لأنهن من جملتهم، فأضاف اللبس إليهم؛ ولأنهن إنما يتزين من أجلهم.
وأما إباحة ركوب البحر للتجارة: فذلك ظاهر.
تكملة لما ذكر :وهي لو أن رجلا حلف من اللحم هل يحنث بلحم السمك, أو لا لبست امرأته حلية فلبست اللؤلؤ هل يحنث؟
جواب ذلك أن يقال: إذا أطلق اليمين على اللحم فعند الأئمة ,وأبي حنيفة ,والشافعي :لا يحنث إلا أن يكون من السماكين؛ لأن الأيمان تحمل على العرف.
وعن مالك: يحنث.
وإنما قلنا لا يحنث مع أن الله تعالى سماه لحما؛ لأن الأيمان محمولة على العرف، وهذه الأشياء لا نطلق عليها اسم اللحم.
ولو قال رجل لغلامه اشتر لي لحما فجاء بسمك كان حقيقا بالإنكار، كما لو حلف لا ركب دابة فركب كافرا :لم يحنث مع أن الله سبحانه سماه دابة ؛قال تعالى:{إن شر الدواب عند الله الذين كفروا}
وأما لو حلف لا لبست امرأته حلية فلبست اللؤلؤ: فإنه يحنث.
وقال أبو حنيفة: إنما يحنث إذا رصع بالفضة أو الذهب، واستضعفه المؤيد بالله؛ لأن الاسم يطلق عليه.
पृष्ठ 116