तीन पुरुष और एक महिला
ثلاثة رجال وامرأة
शैलियों
قالت: شكرا لك، وإنك لظريف، وعطوف، ولا أدري ماذا كنت أصنع لولاك، ولكنك تعلم كما أعلم أني لا أستطيع أن أدعك تفعل هذا، إنها لمروءة عظيمة، ولكن ...
فقال: إنك تؤلمينني يا صديقتي، وهذا الذي تقولينه لم يجر لي قط في خاطر، أنا وأنت من رجال الأعمال - أعني أني أنا من رجال الأعمال وأنت من ... من ... انظري كيف تخذلني الألفاظ، فكيف بمن هم دوني امتلاكا لناصيتها؟! نعم كلانا تاجر شاب، وقد عرضت عليك عملا، فإن التجار لا ينفقون أموالهم جزافا؛ عرضت عليك هذا بالفعل لا بالقول، فرحبت به، بالفعل أيضا لا بالقول، ويسرني أن أبلغك رضاي عن حسن أدائك لواجباتك وإن كانت خفيفة هينة إلى الآن؛ فما زادت على رفض الدعوات التي تلقاك من أصحاب التيجان، والإصغاء إلى آرائي القيمة في الحياة والناس، وقد كان أجرك زهيدا أيضا؛ فنجان قهوة، أو تذكرة سينما، أو عشاء خفيفا ...
فقالت: لا تمزح، فإني ...
قال: لا تقاطعي من فضلك؛ فإن حسن الإصغاء في صمت وسرور هو أول واجب على المستشار الخاص، كنت أقول إن واجباتك إلى الآن هينة وكذلك أجرك، ولكني قررت أن أضيف إليها واجبات جديدة، وأن أزيد الأجر؛ فإنه ينبغي أن يكون على قدر المشقة، وعلى قدر الاجتهاد تكون الترقية، نعم ترقيتك من مستشارة إلى ...
قالت: لا أدري كيف أشكرك، ولكنك تعلم أن هذا إحسان.
قال: إحسان؟! يا له من لفظ ثقيل قبيح! وإن كان الفعل في ذاته جميلا! ولكن ما لنا وللإحسان الآن ونحن نتكلم في أعمال تجارية؟! أرجو ألا تقحمي هذا اللفظ مرة أخرى في أحاديثنا الجدية، واسمعي، لقد هداني التفكير الطويل العميق إلى أن فلاحا مثلي لا يفيده ما تعلم من التجارة التي حذقها علما وعملا، وأحاط بها خبرا، إلا إذا طبق ما أفاد من المدرسة ومن تجاربه في الحياة، وقد تعلمين أو لا تعلمين أن لي ضيعة عظيمة، كانت أمي بعيدة النظر صادقة الفراسة في نجابتي، فأورثتني إياها، وخلفتها لي، وفلاحونا لا يحسنون الزراعة، فمن واجبي أن أتعلم وأعلمهم كيف يتقنونها؛ لتكون الغلة أوفر، وهناك واجب آخر؛ ذلك أن فلاحينا قد يجيدون زرع الأرض ولكنهم لا يحسنون عرض المحصول للبيع، وما أكثر ما يوكسون ويبخسون، ويغبنهم سماسرة السوء، وهم إذا ربحوا مرة يخسرون مرات، لجهلهم بالتجارة، فواجبي - وأنا الخبير الحاذق - أن أعلمهم كيف يبيعون، لأستفيد ويستفيدوا، ومن هذا البيان ترين يا صديقتي أن واجباتك كمستشارة لي ستكون عديدة وشاقة، وأنا واثق من قدرتك على الاضطلاع بهذه الأعباء الجسيمة، بفضل ما اكتسبته من الخبرة في هذه الشركة، وما استفدته مني في أحاديثنا الكثيرة.
وعلى ذكر الشركة أقول: إنه يحسن أن نذهب للقاء مولانا راتب؛ فما أشك في أنه الآن قلق مضطرب يتساءل عني أين اختفيت؟ وماذا يصنع بغيري؟!
فسألته: نذهب إليه؟ وأنا ... وأنا ... ما الداعي؟ قال: وجودك ضروري، لا بد منه، وأول درس يجب أن تتعلميه في وظيفتك الجديدة، وإن كانت قديمة، هو طاعة الرئيس، تعالي.
وذهبت معه إلى النادي وهي قلقة، فألفيا راتب بك في حجرة المكتبة يدخن سيجارا ضخما، وكان قد علم أن نسيما انقطع وكف عن الحضور، فاطمأن وعاد يختلف إلى النادي في أوقات الفراغ.
وقبل أن يدخلا عليه، دعا نسيم الخادم وأمره أن يجيئه بكأس من الكونياك المعتق، وقال لمحاسن وهو يدخل بها وبالكأس في يده: لا تحسبي أن هذه الكأس لي؛ فإني لا أشرب خمرا، ولكنها لمولانا راتب؛ فإنه يوشك أن يتلقى صدمة، وقد يحتاج إلى منعش، وما أظن به إلا أنه ضعيف القلب وإن كان عالي الزعقات، على كل حال، لا ضير من الاحتياط.
अज्ञात पृष्ठ