ताज़यीन असवाक
تزيين الأسواق في أخبار العشاق
فقالت المال والعقل يغطيان غيرهما لو تزوجتني يدل على أن ليس ليزيد في تزويجها شيء. وقيل أنه تزوجها على يد ابن أبي عتيق. وفي تسريح النواظر أنه لم يتزوجها وأنها اعتذرت حين أرسل إليها بأن العرب تعيرها بزواج الزنجي والمتواتر خلاف ذلك أخبر التنوخي والتوزي كلاهما عن ابن الجزار بسنده إلى العتبي.
قال شهدت هوادج مزينة حين نزلنا إلى مكة، فلما نزل الحاج خرج من أعظمها هودجًا امرأة وقد مهد له مهاد فجلست وأقبل زنجي حتى جلس إلى جانبها فمر سائق ابل وهو يقول:
بزينب ألمم قبل أن يدخل الركب ... وقل إن تملينا فما ملك القلب
فوثبت المرأة فضربت الذي إلى جانبها وقالت قد فضحتنا فسألنا عنهما فقيل هي زينب وهو نصيب ونحو هذا عن الزبير عن الخزامي وعن ابن خلف وابن الجوهري في أخبار السودان وكل يصف المرأة بالبياض ما عدا الأول فإنه قال إنها زنجية.
وعن ابن خلف من طريق آخر بيننا نحن في الركب إذا بزنجي يمشي وإلى جانبه امرأة كأنها البدر والمسك يسطع منهما فقالت له من أنت قال أنا الذي أقول:
ألا ليت شعري ما الذي هو حادث ... غدا غربة النأي المفرّق والبعد
لدى أم بكر حين يقذفها النوى ... بنا ثم يخلو الكاشحون بها بعدي
أتصر مني عند الذين هم العدا ... فتشمتهم بي أم تدوم على العهد
فصاحت المرأة لا والله بل ندوم على العهد، وتوفي نصيب سنة ثلاث عشرة ومائة وقيل إحدى عشر. وفي كتاب ابن الجوهري كانت وفاته تاسع شوال من السنة المذكورة، وقيل توفيت قبله ورؤي باكيًا عليها وهو يقول:
أيا دهر ما هذا لنا منك مرة ... عثرت فأقصيت الحبيب المحببا
وأبدلتني من لا أحب دنوّه ... وأسقيتني صابًا من العذب مشربا
ومن لطائف شعره:
كسيت ولم أملك سوادًا وتحته ... قميص من الصوهيّ بيض بنائقه
وما ضرّ أثوابي سواد وإنني ... لكالمسك لا يخلو عن المسك ناشقه
ولا خير في ودّ أمري متكاره ... عليك ولا في صاحب لا توافقه
إذا المرء لم يبذل من الود مثله ... بعافية فاعلم بأني مفارقه
ومنها:
وما في الأرض أشقى من محب ... وإن وجد الهوى حلو المذاق
تراه باكيًا أبدًا حزينًا ... مخافة فرقة أو لاشتياق
فيبكي أن نأوا شوقًا إليهم ... ويبكي إن دنوا خوف الفراق
فتسخن عينه عند التنائي ... وتسخن عينه عند التلاقي
أخبار المرقش وصاحبته أسماء
هو عمرو أو عوف بن سعد بن مالك بن قيس بن ثعلبة بن ربيعة أعلى قبائل طيء، ولد باليمن قبل خروج ربيعة ثم انتقلوا إلى العراق فنشأ بها وله اخوان أنس وحرملة رفعهم أبوهم إلى نصراني ببغداد يتعلمون الكتابة، وكان سعد والده يرى دين النصرانية، ومات فقام عمرو مقامه في العرب، فكان شجاعًا مهابًا في العرب.
خرج يومًا وقد قطع وادي نجران بأسد ونمر فلم يطق أحد أن يمر منهما فلما رأى عمرو الأسد وثب عليه فزاوغه ووثب فصار على ظهره فأمسك أذنيه مستثبتًا ثم دق رأسه وسلخ جلده، فلما أحس بالنمر ألف في جلد الأسد ونامًا سيفه فوثب النمر لينزل عليه فتلقاه بالسيف ثم سلخه، وأخذ جلده عليه وأقبل على العرب فسموه المرقش، وقيل سمي بذلك لقوله:
الدار قفر والرسوم كما ... رقش في ظهر الأدني قلم
ومن ولد أخيه حرملة رجل دعته العرب بالمرقش الأصغر لشبهه ذاك.
وأسماء هي بنت عوف بن سعد بن مالك أيضًا، وكان عمرو قد ألفها من التربية صغيرين فخطبها إلى عمه فأنعم ومضى عمرو إلى جار الفلاة فمدحه، وحظى عنده فأمسكه مدة وأن الغلاء وقع بالبادية وطرقها جدب فقدم مرادي على عوف فخطب أسماء فزوجه بها على مائة ناقة واحتملها إلى قومه وعمدوا إلى عظام كيس فذبحوه ودفنوا عظامه وصيروها قبرًا، فلما قدم عمرو أخبروه أنها ماتت وأروه القبر فلزمه حتى ضني وتغير حاله فبينما هو يومًا منتحبًا إذ سمع ولدًا قد اقتتل مع آخر على كعب يقول هذا أخذته من عظام الكبش الذي دفن وقيل لعمرو أنها أسماء فدعاه وسأله الخبر فحين عرف ذلك دعا بزوج ابنته وسارا في طلب المرادي.
1 / 69