Taysir Usul al-Fiqh lil-Mubtadi'een
تيسير أصول الفقه للمبتدئين
शैलियों
أثر الخلاف بين الأحناف والجمهور في الفرض والواجب
الواجب له أمور تتعلق به منها: أولًا: أن الواجب يطلق عليه أيضًا الفرض، لكن اختلف العلماء في الواجب والفرض، فجمهور أهل العلم من المالكية والشافعية والحنابلة على أن الواجب هو الفرض، ولا فرق بينهما.
وأما الأحناف فغايروا بين الواجب والفرض، وقالوا: الفرض ما ثبت بدليل قطعي، وأما الواجب فهو ما ثبت بدليل ظني.
والدليل القطعي: المتواتر، مثل: القرآن، فهو فرض عندهم، كقول الله تعالى: ﴿وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ﴾ [البقرة:٤٣]، فهذا فرض وليس بواجب.
أيضًا أمر الله تعالى بالزكاة، فهذا فرض وليس بواجب؛ لأنه ثبت بدليل قطعي.
وأما الذي يثبت عندهم بدليل ظني فهو واجب، مثل: الوتر، فهو عندهم واجب وليس بفرض؛ لأنه ثبت في السنة بقول النبي ﷺ: (اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وترًا)، وهذا فعل أمر، والقاعدة: أن ظاهر الأمر يقتضي الوجوب ما لم تأت قرينة تصرفه من الوجوب إلى الاستحباب، لكنه هنا واجب وليس بفرض؛ لأنه ثبت بدليل ظني وهو: حديث الآحاد وليس بمتواتر.
وإذا دققت النظر رأيت أن الأحناف يتفقون مع جمهور أهل العلم في أن الذي ثبت بالدليل الظني يجب العمل به، أي: يجب أن تعمل بهذا الأمر الذي ائتمرت به، سواء كان الدليل قطعيًا أو ظنيًا، فلو جاءك مثلًا قول الله تعالى: (وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ) فلا بد أن تصلي.
وإذا جاءك قول النبي ﷺ: (اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وترًا) فعند الأحناف يجب، ويسن عند الجمهور أن تجعل آخر الصلاة وترًا، فهم يتفقون على لزوم العمل بما ثبت ظنيًا أو قطعيًا، فأصبح الخلاف خلافًا لفظيًا وليس له أثر إلا من ناحية الاعتقاد، أي: أن أثر الخلاف بين الأحناف والجمهور بالدليل القطعي والدليل الظني ليس له محل في الفقه، لكن أثره في الاعتقاد فقط.
ونبين ذلك بالآتي: منكر القرآن حكمه كافر، والجميع يتفق على هذا، أما الذي ينكر حديثًا في صحيح البخاري فإن كان متواترًا فيكفر بذلك، وإن كان آحادًا فاختلف العلماء فيه، والراجح ما قاله الجمهور: أنه لا يكفر، فالخلاف هنا ليس خلافًا فقهيًا بين الأحناف والجمهور، وليس له ثمة أثر في المسائل الفقهية.
1 / 10