وما سمى الإنسان إلا لأنسه
ولا القلب إلا أنه يتقلب
والأصل نيس بكسر الياء، قلبت ألفا لتحركها بعد فتح، ووزنه على هذا فلع من النسيان، إذ لا يخلو من نسيان، قال الله تعالى فى آدم:
فنسي ولم نجد له عزما
[طه: 115] ويطلق على الجن مجازا، وقيل حقيقة: { من يقول ءامنا } فى قلوبنا وألسنتنا إيمانا مستمدا { بالله } وجودا وألوهة، ومخالفة لصفات الخلق { وباليوم الآخر } الوقت الآخر، وهو وقت البعث إلى مالا نهاية له، والوقت الأول وقت الدنيا، ولا يقال اليوم الآخر وقت دخول الجنة والنار، وقبله وقت وهو البعث وما بعده إلى الدخول ، لأن الإيمان بالبعث والموقف والحساب أيضا واجب { وما هم بمؤمنين } ذلك الإيمان الذى ادعوه، بل الإيمان فى ألسنتهم والكفر فى قلوبهم، والخروج عن مقتضاه فى جوارحهم.
[2.9]
{ يخدعون } أي يخدعون، بفتح الياء وإسكان الخاء، فالمفاعلة ليست على بابها، بمعنى الفعل، وهو إظهار ما يوهم السلامة وإبطان ما يقتضى الإضرار بالغير، أو التخلص منه، أو هو أن توهم صاحبه خلاف ما يريد به من المكروه، وتصيبه به، ودخل فى المكروه جلب نفع منه لا يسمح به لك أو لغيرك
آلله ولي الذين آمنوا
[البقرة: 257] يظهرون خلاف ما أبطنوا، ويظنون أن الله لا يعلم ذلك منهم. فأخبرنا الله عز وجل، أنهم عاملوا الله والمؤمنين بالمكر، والله لا يخفى عليه شىء، أو يخادعون الله مخادعة مجاز، على أنهم معتقدون لكون الله عالما بما فى قلوبهم، وذلك أن تلفظهم بالإيمان، وإظهار مقتضياته مع مخالفته فى الأعمال والقلوب شبيه بالخداع، ويقدر محذوف، أى، ويخادعون المؤمنين خداعا حقيقيا، إذ يدفعون بإظهار الإيمان وشأنه القتل والسبى وما يصنع بالمشركين، ويجلبون الإكرام والمعاملة بمعاملة المؤمنين، وإنما قدرت محذوفا لئلا يكون لفظ يخادع فى مجازه وحقيقته معا، أو أراد يخادعون الذين آمنوا، وذكر الله معهم إكراما وتعظيما لهم، بأنه من خانهم فقد خان الله، أو يخادعون نبى الله، قال الله تعالى:
إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله
अज्ञात पृष्ठ