{ واتقوا يوما } عقاب يوم { لا تجزى } فيه { نفس } مؤمنة أو مطلقا { عن نفس } كافرة، أو مطلقا { شيئا } أى جزاء، أو لا تدفع شيئا { ولا يقبل منها عدل } فداء، لأنه يعادل المفدى { ولا تنفعها شفعة } أى لا شفاعة لهم، فضلا عن أن تقبل، أو هو على ظاهره، إلا لمن أذن له، فقد روى أنه صلى الله عليه وسلم يقول:
" أصيحابى، فيقال: لا تدرى ما أحدث هذا بعدك "
{ ولا هم ينصرون } يدفع العذاب عنهم.
[2.124]
{ وإذ ابتلى } اذكروا يا بنى إسرائيل، أو اذكر يا محمد إذ ابتلى، أو متعلق يقال بعد، إو بكان كذا وكذا، فحذف أى، كلف حقيقة، أو اختبر مجازا لعلاقة اللزوم، فإن التكليف وهو الأمر والنهى، أو إلزام ما فيه المشقة يستلزم الاختبار بالنسبة لمن يجهل العواقب، تعالى الله. ومعنى تكليفه أنه قدر له ذلك، وقضى أن يجرى له، فلا يشكل بما كان من الكلمات قبل بلوغه { إبراهيم } إب راهيم، أى رحيم وذلك، لغتهم السريانية، تشبه العربية، قال السهيلى: كثيرا ما يقع الاتفاق أو التقارب بين السريانى والعربى، ألا يرى أن إبراهيم تفسيره أب رحيم لرحمة بالأطفال، ولذلك جعل هو وزوجه كافلين لأطفال المؤمنين الذين يموتون صغارا إلى يوم القيامة، إبراهيم بن تارخ بن آزر، أو إبراهيم بن آزر، وهو الصحيح، بل تارخ هو آزر بن ناخور بن شارخ بن أرغو بن قالغ بن عابر ابن شالح بن قينان بن أرفخشد بن سام بن نوح، ويقال: قينان ساحر، فأسقطوه { ربه بكلمت } أى معان، تسمية للمدلول باسم الدال، المضمضة والاستنشاق والسواك، وقص الشارب، وفرق شعر الرأس إلى الجانبين، إذا طال أربعة أصابع عرضا، وقلم الأظفار، ونتف الإبطين، وحلق العانة، والختان، قيل: ختن نفسه وهو ابن مائة وعشرين سنة، والاستنجاء بالماء، وأما بالحجارة قبله فلهذه الأمة خاصة والتوبة والعبادة والحمد والسياحة، والركوع والسجود والأمر بالمعروف والنهى عن المنكر، وحفظ حدود الله، والصلاة والخشوع وترك اللغو والزكاة وحفظ الفروج، وحفظ الأمانة، وحفظ العهد والمحافظة على الصلاة والإيمان والقنوت والصدقة. والصوم، وكثرة ذكر الله، ومداومة الصلاة وإعطاء السائل والمحروم والتصديق بيوم الدين، والاشفاق من العذاب، والقيام بالشهادة وقربان الأزواج وقربان المملوكات، وإعفاء اللحية، والإحرام والوقوف بعرفة، والمبيت بالمزدلفة والرمى، والذبح، والحلق، والطواف، والسعى، والنظر فى الكواكب والقمر والشمس فيحصل الحجة، وذبح الولد، والتسليم للوقع فى نار نمروذ، وسائر الأوامر والنواهى، والهجرة بدينه من العراق للكفر فيه إلى حران، ثم إلى الشام ليجد الوصول إلى دينه، صبر على ذلك كله، كما قال الله جل وعلا { فأتمهن } أتى بهن تامات، كما قال، وإبراهيم الذى وفى { قال إني جاعلك للناس إماما } قدوة فى الدين إلى يوم القيامة، ولا نبى بعده إلا من ذريته، مأمورا باتباعه فى الجملة، وهو إمام لكل نبى بعده، وكل نبى إمام لمن بعده من العامة والأنبياء، وذلك فى الأصول ومكارم الأخلاق، وهو محبوب فى جميع الملل. وعن مجاهد، الكلمات هى، إنى جاعلك... إلى آخر القصة، والإمام كل ما يؤثم به، كما قيل لخيط البناء إمام، لأنه يقتدى به فى البناء { ومن ذريتي } أى واجعل أئمة أنبياء، وقيل، أو غير أنبياء، من ذريتى، أو أئمة من ذريتى عطفا على محل النصب للكاف، وكأنه قيل، وجاعل من ذريتى أئمة، وللكاف محل جر بالإضافة، ومحل نصب على المفعولية، لأن جاعل اسم فاعل للاستقبال، وهو من زيادة السامع إلى كلام المخاطب، كقول الصحابة والمقصرين بعد قوله صلى الله عليه وسلم،
" اللهم ارحم المحلقين "
، ويقول القائل، جاء زيد، فتقول، راكبا وكما قال العباس، إلا الإذخر، بعد تحريم النبى صلى الله عليه وسلم شجر مكة وكلأها، والذرية تشمل الأنثى، كما أن عيسى هو ابن مريم، ومريم، من ذريته، والياء مشددة زائدة فوزته فعلية، بضم فإسكان، وباؤه فى الأصل للنسب، والأصح فتح أوله وضمه، كما قيل، دهرى بضم الدال فى النسب إلى دهر بفتحها، أو الياء الثانية عن راء، قلبت ياء، لئلا تجتمع ثلاث راءات، وأدغمت فيها الياء، والأصل ذريرة، بضم الذال وشد الراء الأولى مكسورة، أو ذرورة بالواو، وكل ذلك من الذر بمعنى الخلق فالرء الثانية زائدة، والأصل ذريته، أو ذروية، قلبت الهمزة ياء وأدغمت الياء فى الياء الأولى. وقلبت الواو ياء فى الثانى، وأدغمت الياء فى الياء { قال لا ينال } لا يصيب { عهدي } معهودى إليك وأمانتى، وهو الإمامة، تسمى الأمانة عهدا، لأنها تعاهد بالحفظ { الظلمين } من ذريتك، وهذا إجابة إدعائه، أن يجعل من ذريته أئمة، ولكنه استثنى الظالمين بفسق أو بشرك، فأيما فاسق أو مشرك تصدر فليس بإمام أو خليفة أو حاكم، بل غاصب، ولا يصلح للإمامة، وهى أمانة الله، من يخون، ولا ينفذ حكم الفاسق، وناصبه ظالم، من استرعى الذئب الغنم ظلم، وعن الحسن، أن الله تعالى لم يجعل للظالم عهدا، فلا يوفى له بشأن إمامته إذا أحدث ظلما، فالعدل كما شرط فى البدء شرط فى البقاء، وإن نصب بعد توبته جاز، كما كان أبو بكر وعمر خليفتين بعد إسلامهما من شرك.
[2.125]
{ وإذ جعلنا البيت } الكعبة { مثابة للناس } مرجعا يثوب إليه من كان عنده أو يجيئه من لم يكن عنده، أو يلتجىء إليه الخائف، وإطلاق الرجوع لمن لم يكن مجاز، فذلك جمع بين الحقيقة والمجاز، وقد أجيزا، وهو من عموم المجاز، ويناسب الإطلاق أن الآتى والراجع كواحد، لاتفاق الدين، أو مثابة بمعنى موضع ذهاب إليه، أو مزار، استعمال للمقيد فى معنى المطلق، أو هو موضع ثواب، فلا مجاز، وتاؤه لتأنيث البقعة، وقيل: هى للمبالغة كما فى الوصف، كعلامة، لكنه لا يؤنث، وهو اسم مكان ميمى، أو مصدر ميمى، أى ذا ثواب، والأول أولى، والأصل مثوبة بإسكان الثاء، فتحت بفتحة الواو نقلا، فقلبت ألفا { وأمنا } موضع أمن، أى ذا أمن، وقد يناسب هذا أن تجعل مثابة مصدرا، أى ذا مثابة وأمن للناس فى حرمه، أو أمن لحرمه، لا يقع فيه ما يقع فى غيره من الظلم والقارة، يلقى فيه للرجل قاتل أبيه فلا يخيفه ولا يهيجه، ويتبع الكلب الصيد فيدخل الحرم فلا يتبعه بعد لحرمة الحرم، وقد قال الله:
حرما ءامنا
अज्ञात पृष्ठ