" كل ما فى البحر مذكى "
عامان، والصيد بمعنى الحيوان البحرى أو بمعنى الاصطياد، وعليه فاضافة صيد إلى البحر مجاز عقلى لأن البحر لا يصاد بل يصاد فيه ومنه، أو يقدر مضاف أى صيد حى البحر، وسائر المياه كالبحر، وقيل: ما كان من البحر أو الماء شبه الطير أو الآدمي أو غير ذلك مما ليس على صورة الحوت لا يجوز وهو ضعيف { وطعامه } أى طعام البحر، وهو ما مات من حيوانه فيه وطفا أو لم يطف، فالهاء للبحر، أو جزر عنه البحر أو ألقاه الموج في البر، ويجوز أن يكون طعام مصدر طعم يطعم بمعنى أكل على غير قياس الثلاثى المتعدى فالهاء للصيد بمعنى المصيد، أى أحل لكم مصيده وأكله، أو أن تصطادوا ما فيه وأن تأكلوه، وقيل: صيد البحر الطرى وطعامه المملوح، وهو ضعيف لأن ما حل لا يحرم بقدمه إلا لعلة حادثة مثل الإسكار والإضرار، فالمملوح داخل في حل السمك، وكذا ما مات بلا صيد لا يحرم بالقدم { متاعا } تعليل لقوله أحل أى تمتيعا أو مفعول مطلق أى متعكم به تمتيعا { لكم } فمتاعا اسم مصدر بخلاف طعام فإنه لا حاجة إلى جعله اسم مصدر مع الاستغناء عنه بجعله مصدرا على خلاف القياس مع ما فى دعوى كونه اسم مصدر من التكلف لا حتياجه إلى أن يقدر إطعامكم إياه أنفسكم { وللسيارة } يتزودونه قديدا كما تزوده موسى إلى الخضر { وحرم عليكم صيد البر } أى وحشه فالصيد بمعنى ما يصاد، فالوحش حرام على المحرم صاده هو أو محرم آخر، وصاده من ليس محرما سواء صيد للمحرم أو لغيره، أو بمعنى الاصطياد فيحرم على المحرم الاصطياد ويحل له ما صاده غيره، ولو صاده له ما لم يعنه على اصطياده بسلاح أو غيره، والصحيح أنه إذا صيد للمحرم حرم عليه ، قال صلى الله عليه وسلم:
" صيد البحر حلال لكم مالم تصيدوه أو يصدكم "
ويروى أن أبا قتادة رأى حمارا وحشيا ومعه أصحاب له محرومون وهو غير محرم فاستوى على فرسه فسأل أصحابه أن يناولوه رمحا فأبوا فأخذه ثم شد على الحمار فقتله فأكل منه بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقال صلى الله عليه وسلم:
" كل ما بقى منه "
، وهو قول يدل على إباحة من صاده الحلال للمحرم إن لم يعنه المحرم بشيء ولم يشره له ولم يخبره به، فقلت، لا يدل على ذلك لأنه فى الحديث أنه صاده لهم، وذلك مذهب الجمهور، وقال غيرهم، لا يحل للمحرم ولو صيد لغيره، وفى البخارى ومسلم عن أبى قتادة الأنصارى: كنت جالسا مع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في منزل فى طريق مكة ورسول الله صلى الله عليه وسلم أمامنا والقوم محرمون وأنا غير محرم، وذلك عام الحديبية، فأبصروا حمارا وحشيا وأنا مشغول أخصف النعل ولم يؤذنوني وأحبوا لو أبصرته فالتفت فأبصرته، فقمت إلى الفرس فأسرجته ثم ركبت ونسيت السوط والرمح فقلت لهم ناولوهما لى، فقالوا: لا والله لا نعينك عليه، فغضبت ونزلت فأخذتهما ثم ركبت فشددت على الحمار فعقرته ثم جئت به وقد مات فوقعوا فيه يأكلون، ثم إنهم شكوا في أكلهم إياه وهم حرم فرحنا وخبأت العضد، فأدركنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألته عن ذلك فقال:
" هل معكم منه شئ؟ "
فقلت: نعم، فناولته العضد فأكل منها وهو محرم، وقال لهم:
" إنما هى طعمة أطعمكموها الله "
، وفى رواية
अज्ञात पृष्ठ