347

तैसीर तफ़्सीर

تيسير التفسير

शैलियों

[5.60]

{ قل هل } توبيخ { أنبئكم بشر } بنوع من الناس هو شر { من ذلك } النوع الذى آمن بعيسى والأنبياء كلهم والكتب كلها وعبارة بعض الإشارة إلى الدين، وقيل إلى الأكثر الفاسقين بتأويل من ذكر، وادعى بعض أن ذايشار بها للمفرد وغيره، وقيل الإشارة إلى الأشخاص المتقدمين الذين هم أهل الكتاب وإن المراد أن السلف شر من الخلف والتفضيل بين الذوات لا بين الأعراض، والشر إنما هو باعتبار دعواهم أن أهل الإسلام شر أهل كل دين فإنه لا سوء فى أهل الإسلام من حيث الإسلام وأثبته تهكما بهم كما تهكم بطريق الاستعارة فى قوله { مثوبة عند الله } أى عقوبة، وأصله في الجزاء بالخير وإن فسرناه شرا، وذلك بالأعراض. قدرنا مضافا أى بأهل عمل أسوأ من ذلك العمل الذى هو الإيمان بالحق كله فيناسب بالتقدير قوله { من لعنه الله } أو يبقى بشر وذلك على معنى الأعراض فيقدر العرض هنا أى كفر من لعنة الله أو دين من لعنه الله، وما ذكرته أولا أولى لأنه لا تقدير فيه أولا ولا آخرا، والتمييز بالمثوبة صالح للذات وللعرض تقول فلان شر عقابا وعمله شر عقابا، أو هو مفعول لأجله على حذف مضاف أى لطلب مثوبة، أو بلا خلاف عند من لا يشترط الاتحاد في الفاعل ومعناه الإثابة، والإنابة فعل الله عز وجل، ومن خبر لمحذوف كأنه قيل من هو فقال هو من لعنه الله ولا يحسن البدل أو البيان إلا على التعريض بأن المتصف باللعن وما بعده لا بد أن يكون شرا مثوبة. ولعنه الله أبعده عن الخير بالخذلان { وغضب عليه } قضى عليه بالعذاب { وجعل منهم } هذا الضمير لمراعاة معنى من { القردة والخنازير } مسخ شبان أصحاب السبت قردة وشيوخهم خنازير، أو أصحاب السبت من اليهود قردة وأصحاب المائدة من النصارى خنازير { وعبد الطاغوت } العجل أو الشيطان أو الكهنة، وكل من عبد من دون الله ومن رأس في الضلال فهو طاغوت، والعطف على لعنة الله أى وأنتم راضون عنهم وسالكون طريق كفرهم فساغ ذمهم بما فعل هؤلاء { أولئك شر مكانا } هو نار الآخرة واسم التفضيل خارج عن بابه إذ لا سوء في مكان المؤمنين وهو الجنة، أو باق عليه بمعنى أن مكانهم وهو النار شر من مكان المؤمنين وهو الدنيا لما يلحقهم فيها من الهموم والحاجة وسماع الأذى، أو شر من مكان المؤمنين على زعم الكفار هؤلاء مكان المؤمنين، سواء أو شر مكانا على سائر كفرة اليهود، ويجوز أى يراد بمكانا المرتبة والشان وهو منصوب على التمييز المحول عن الفاعل مبالغة باثبات الشرارة للموضع لعظم شرارتهم حتى أثر في مكانهم، أو عظم حتى صار مجسما، أو الإسناد مجازى كجرى النهر. أو يراعى في المكان أصله وهو موضع الكون الذى يكون فيه أمرهم إلى التمكن فيه أى شر منصرفا وهو جهنم { وأضل عن سواء السبيل } أى عن السبيل السواء أى الوسط أى الأفضل وهو دين الإسلام ولا خير في غيره، وناسب الوسط أنه بين تفريط اليهود وقدحهم إذ أنكروا عيسى وقالوا أنه ولد الزنى وأن أمه زنت، وإفراط النصارى وغلوهم بقولهم عيسى إله أو ابن الله. واسم التفضيل خارج عن بابه إذ لا ضلال في الإسلام أو باق على بابه باعتبار قصدهم أو بالنسبة إلى غيرهم من الكفار.

[5.61]

{ وإذا جاءوكم قالوا آمنا } بك وبما جئت به عطف قصة على أخرى، والجاءون مطلق المنافقين أو بعض اليهود الذين من ذرية هؤلاء اليهود الذين مسخ بعضهم يدخلون على رسول الله صلى الله عليه وسلم ويظهرون له الإسلام ويضمرون الكفر، والكاف للنبى صلى الله عليه وسلم تعظيما، أو له ولمن عنده من المؤمنين { وقد دخلوا } عليك { بالكفر } حال من واو قالوا والباء للمصاحبة { وهم قد خرجوا به } من عندك حال مقدرة بمعنى يخرجون لأنهم حال القول غير خارجين، أو هذه حال من واو دخلوا فالواو للحال لا عاطفة على حال مقارنة وبالكفر حال من واو دخلوا وبه حال من واو خرجوا وقد الأول لتقريب الماضى من الحال، أو متعلقان بدخل وخرج، أو وهم قد خرجوا به عطف قصة على أخرى لا مدخل لها فى الحالية، وفى قد فى الموضعين تلويح بما يتوقعه صلى الله عليه وسلم من ظهور نفاقهم لما يروى من أمارته فان الإخبار بالدخول بالكفر والخروج به بحيث لا يتأثرون بشيء مما سمعوا منه صلى الله عليه وسلم كالإخبار بأن ما تتوقعه منهم قد حضر فأنت عالم بنفاقهم، وقال: وهم قد خرجوا به، ولم يقل: وقد خرجوا به تأكيدا لذمهم وكفرهم حال الخروج بحسب اعتبار أن الظاهر أن لا يخرجوا بكفرهم بعد مشاهدتهم له صلى الله عليه وسلم أو إخبار بأن كفرهم حال الخروج أشد لأنهم ازدادوا كفرا إذ زجرهم وكفروا بما قال { والله أعلم } منك { بما كانوا يكتمون } من الكفر وسيجزيهم به.

[5.62-64]

{ وترى } تعلم أو تشاهد وهو أنسب لظهور حالهم { كثيرا منهم } من المنافقين أو اليهود { يسارعون } أصله المسارعة في الخير ففيه المبالغة بأنهم رغبوا في الشر كأنه خير يتسابق إليه { في الإثم } الذنب ويقال الكذب لقوله { عن قولهم الإثم } وقيل الإثم الحرام وقيل الكذب بقولهم آمنا إخبارا كان أو إنشاء إلا أنه إن كان إنشاء فالكذب باعتبار تضمنه الإخبار بحصول صفة الإيمان وقيل الإثم الكفر مطلقا { والعدوان } الذنب بينهم وبين الخلق أو خصوص الذنب المجاوز للحد { وأكلهم السحت } الحرام كالرشا وما يؤكل على الدين وعلى إفساده، والربا وعطفه تخصيص بعد تعميم { لبئس ما كانوا يعملون } هو المسارعة في الإثم والعدوان وأكل السحت..

{ لولا ينهاهم } تحضيض على النهى { الربانيون } العباد { والأحبار } العلماء، ومر كلام فيهما وهما من اليهود لأن الكلام فيهم، وقيل الربانيون علماء النصارى والأحبار علماء اليهود ولا مانع من أن يؤمر نصراني بنهى اليهود { عن قولهم الإثم } نصب المفرد بالقول اعتبارا لمعنى الذكر أى عن ذكرهم الإثم أو لكونه بمعنى الجملة أى عن قولهم: القرآن غير حق، أو محمد غير رسول، أو ليس في التوراة كذا وهو فيها، أو معناه كذا وليس كذلك، أو فيها كذا وليس فيها، وليس بمعنى المقول وإلا لم ينصب المفرد مفعولا { وأكلهم السحت لبئس } والله لبئس أو اللام للابتداء لشبه الفعل بالاسم لجموده { ما كانوا } أى الربانيون والأحبار { يصنعون } من ترك النهى عن المنكر وترك النهى منهم عن المنكر أشد من أكل السحت وقول الإثم، ولذلك قال يصنعون وهناك يعملون لأن الصنعة ما كان من تدبير وتفكر وإبرام فهو راسخ فبرسوخ ترك النهى زاد تركهم إياه قبحا على قول الإثم وأكل السحت وأيضا بعلمهم بالله وكتبه يشتد النهى في حقهم عن المنكر فبتركه يشتد القبح، ويؤخذ من الآية الوعيد الشديد على من ترك النهى من علماء هذه الأمة كما قال ابن عباس والضحاك: ما فى فى القرآن أشد على العلماء من هذه الآية، وأيضا المعصية لذة للعاصى ولا لذة في ترك النهى فكيف يترك فتاركه أقبح. وأيضا يجترئ الناس على تلك المعصية وغيرها إذا ترك النهى فيزداد ذنب تارك النهى، ولما كذب اليهود صلى الله عليه وسلم كف عنهم ما كان مبسوطا عندهم من النعم، وكانوا قبل ذلك أكثر الناس مالا ونعمة فقال فنحاص بن عازوراء رأس يهود قينقاع أو النباش بن قيس روايتان عن ابن عباس { يد الله مغلولة } ورضى بقوله اليهود ولم ينهوه، فكلهم قالوا فنزل قوله تعالى:

{ وقالت اليهود يد الله مغلولة } مقبوضة عن توسيع الرزق قبضها وهو كناية عن البخل أو عن مطلق المنع أو مجاز استعارى، والكناية لا يلزم تحقق كلماتها بل لازمها ولو لم تتحقق كلماتها، أو عن الفقر تعالى الله عنه كقوله تعالى:

لقد سمع الله قول الذين قالوا إن الله فقير ونحن أغنياء

[آل عمران: 181]، وذلك أن الله جل جلاله لا يتصف باليد، وقد قيل أنها بمعنى النعمة، لكن اليهود الزائغون مجسمون فلا يبعد أنهم أثبتوا اليد لله عز وجل، ومن التجسيم قولهم إن ربهم أبيض الرأس واللحية قاعد على كرسى فرغ من خلق السماوات والأرض يوم الجمعة واستلقى على ظهره واضعا إحدى رجليه على الأرض وإحدى يديه على صدره ليستريح من التعب تعالى الله عن ذلك، وقالوا لموسى عليه السلام:

अज्ञात पृष्ठ