لو كان فيهما ءالهة إلا الله
[الأنبياء: 22] أى غير فارض وغير بكر، وغير الله، ولم يقرنها بالتاء، لأنهما لا يطلقان على المذكر، فهما كحائض، لا يطلق إلا على المؤنث، ويقال فى غير البقرة جمل أو غيره بكر، والمؤنث بكرة بالتاء، والغرض القطع أى لم تقطع أسنانها لكبرها بالانكسار، أو باستفراغ سنيها المعتبرة فى الإنسان كالثنى والجذع، والرباع، أو انقطاع ولادتها، والبكر الشابة الصغيرة بحيث لا تلد، وقيل: التى ولدت ولدا واحدا { عوان } نصف { بين ذلك } بين ما ذكر من الفارض والبكر، وقيل: ولدت مرة أو مرتين { فافعلوا ما تؤمرون } به من ذبحها على هذا الوصف بلا توقف، وطلب استفسار، فتكلفوا سؤالا هم فى غنى عنه، وهذا من كلام الله، أو من كلام موسى عليه السلام.
[2.69]
{ قالوا ادع لنا ربك يبين لنا ما لونها } كأنهم استعظموا ذبح بقرة فى ميت، لا يعرف قاتله، فهول الأمر عليهم، ولم تكتف قلوبهم ببقرة ما، فأكثروا السؤال { قال إنه يقول إنها } أى البقرى العوان { بقرة صفراء فاقع لونها } أى لونها خالص الصفرة، كما يقال أبيض يقق، وأبيض ناصع، وأسود حالك، وأحمر قان، أى شديد اللون، ولا يخفى أن الأصل فى الصفرة بقاؤها على ظاهرها، من لون بين بياض وحمرة، ولا حاجة إلى تفسيرها بالسواد، ولو ورد مثله لعدم القرينة هنا فلا مجاز، ولو كان مشتركا لحملت على الأظهر، وناقلو اللغة من العرب مشافهة كالجوهرى، وأبى عبيدة والأصمعى لم يثبتوا الفقوع إلا فى الصفرة، لا يقال أسود فاقع، ولو أثبته فى القاموس، وهو مقبول، إلا أن الجمهور على خلافه { تسر النظرين } تلذ قلوب الناظرين إليها بحسنها، ومادة السرور لذلك، فمنه السرير، لا ولى النعمة، وسرير الملك تفاؤلا، وعن على من هذه الآية، كل أصفر يسر كالنعل الأصفر، وأن الأسود، يحزن، فهو مفسر للصفرة بظاهرها.
[2.70]
{ قالوا ادع لنا ربك يبين لنا ما هي } أى ما الوصف الآخر المبين لهذه البقرة العوان، الصفراء الفاقع، أو أرادوا مطلق البقرة التى أمروا بذبحها، إلغاء للبيان المتقدم، وإعراضا عنه لسوء أدبهم، وعلى كل حال أجابهم عن الله مع إثبات الأوصاف السابقة، بأنها غير مذللكة بالعمل، وأنها كلها على لون واحد { إن البقر } الموصوف بتلك الصفات { تشبه علينا } لكثرته { وإنا إن شاء الله لمهتدون } إليها بوصف تصفها به بعد، قال صلى الله عليه وسلم، لو لم يستثنوا، أى لم يقولوا إن شاء الله لما بينت لهم آخر الآية، وليس قولهم ما هى تكريرا للأول لأنهم قالوا أولا، ما هى، فبينها لهم بأنها عوان، وزادوا سؤالا، ما هى بعد ما وصفتها لنا بأنها صفراء عوان، وهذا يكفى، وهو الأصل، ولا يحتاج إلى ما قيل، إن المراد آخرا بقولهم، ما هى، أسائمة أم عاملة، إذ لا دليل عليه إلا قوله، لا ذلول ولا تسقى، فيسقى على هذا مسلمة لاشية فيها، فالأولى تفويضهم له فى ازدياد بيان، فأجابهم بما أقنعهم.
[2.71]
{ قال إنه يقول إنها بقرة لا } هى { ذلول تثير الأرض } وهذه الإثارة سبب الذل { ولا } هى { تسقي الحرث } أو لاصلة بين النعت والمنعوت أو منزلة مع مدخولها منزلة اسم، كما مر، والذلول التى ذلت، وإثارة الأرض قلبها وشقها للزرع، والحرث الأرض المشقوقة للزراعة، أو ما وضع فيها من البذر والمراد أنه ليس يحرث بها فتذل، كما أنها ليست تسقى الحرث فتذل، فتثير فى حيز النفى، وقيل، هى تثير الأرض بأظلافها لقوتها، وبطرها ومرحها، فالإثارة صفة أخرى لها فى الإثبات، وقيل، هى وحشية إذا كانت لا تثير ولا تسقى، وقيل: هى من السماء، والقولان ضعيفان { مسلمة } من العيوب، كالعور والعرج وانكسار القرون ومن كل عيب كهزال، لكثرة الحمل عليها { لاشية فيها } لا شىء من اللون فيها يحالف لونها، حتى قيل ظلفها وقرنها وأهداب عينيها صفر، تشديد على أنفسهم أورثهم تشديدا فى ثمنها عليهم.
قال صلى الله عليه وسلم:
" لو ذبحوا أى بقرة كانت لأجزأتهم، ولكن شددوا على أنفسهم فشدد الله عليهم "
अज्ञात पृष्ठ