203

तैसीर तफ़्सीर

تيسير التفسير

शैलियों

[3.155]

{ إن الذين تولوا منكم } انهزموا أو رجعوا إلى المدينة { يوم التقى الجمعان } النبى صلى الله عليه وسلم ومن معه جمع، والمشركون جمع يوم أحد { إنما استزلهم } طلب بالوسوسة منهم الزلل بالانهزام وبترك المركز والحرص على الغنيمة، وبذكر ذنوب سبقت، كرهوا أن يلقوا الله بها قبل أداء تبعتها { الشيطان } جنس الشيطان، إبليس وغيره { ببعض ما كسبوا } من الذنوب، فإن الذنب يحر ذنبا، ويعاقب المذنب بالذنب الآخر، وهذا البعض هو عين الذين زلوا به عن الدين، وهو الانهزام وترك المركز، والحرص على الغنيمة، أو ذنوب سبقت كرهوا الموت قبل التخلص منها أدتهم إلى الانهزام، وسوس إليهم بها الشيطان، وما ذكر معه، والحصر إنما يكون للآخر، أى ما أزلهما إلا ببعض ما كسبوا، ويجوز أن يكون للشيطان، فيكون قوله ببعض ما كسبوا تبعا له، لا مقصودا بالذات { ولقد عفا الله عنهم } لتوبتهم واعتذارهم، ليس العفو والرحمة للآخرة مع الإصرار حكمة، فحيث أطلقا قيدا بالتوبة، لئلا يكون الخروج عن الحكمة، فإن كان العفو عدم عقاب الدنيا شمل أبيا ومن معه { إن الله غفور } لذنوب، التائبين { حليم } لا يعجل بالعقوبة توسعة لهم ليتوبوا، زيادة فى الإعذار، مع أنه لا يفوته عذاب المصر ولا موت أحد لأجله، بل يذهب إلى موضع موته فى غفلته، أو قصده الهروب عنه، بقى معه صلى الله عليه وسلم ثلاثون رجلا، وقيل ثلاثة عشر خمسة من المهاجرين: أبو بكر، وعمر وعلى، وطلحة، وعبد الرحمن بن عوف، وروى أنه نظر ملك الموت نظرة هائلة إلى رجل فى مجلس سليمان بن داود عليه السلام، فقال الرجل لسليمان: من هذا الرجل الذى شد نظره إلى؟ فقال: هو ملك الموت، فقال: أرسلنى مع الربح إلى عالم آخر، فألقته فى قطر سحيق، فما لبث أن عاد ملك الموت إلى سليمان، فقال: كنت أمرت بقبض ذلك الرجل فى هذه الساعة فى أرض كذا، ويروى فى أرض الهند، فلما وجدته فى مجلسك قلت متى يصلها، وقد أوصلته الريح فوجدته فيها فقضى الله أمره فى زمانه ومكانه، ويروى أنه تعجب بوجوده عند سليمان وقد أمر بقبضه فى أرض بعيدة، فقال له: مر الريح تحمله إليها، ففعل، ويجمع بأنه سأله الملك لإنقاذ القضاء وسأله الرجل هروبا من الموت غير سامع لسؤال ملك الموت.

[3.156]

{ يآ أيها الذين ءامنوا لا تكونوا كالذين كفروا } أشركوا بقلوبهم ونافقوا بألسنتهم { وقالوا لإخوانهم } فى شأن إخوانهم، فقيل أو عن إخواتهم أو لأجل إخوانهم، أو خاطبوا إخوانهم تجوزا ولو غابوا أو ماتوا، وعلى هذا الأخير يكون مقتضى الظاهر،لو كنتم عندنا ما تم وما قتلتم بطريق التفات السكاكى، والمراد بإخوانهم المسلمون من الأنصار، إخوة النسب، أو إخوانهم فى النفاق إخوة الدين والنسب { إذا ضربوا فى الأرض } سافر لتجر أو معاش وماتوا، وخص الأرض لأن سفرهم فى البحر قليل، وإذا بمعنى إذ للمضى بدليل قالوا، أو على ظاهرها فيكون قالوا بمعنى يقولون، أو يبقى قالوا على المضى زمانا إلا أنه يعتبر مغنيا عن الجواب فيفيد الاستقبال، بواسطة الشرط كقوله:

وهم بها لولا أن رأى برهان ربه

[يوسف: 24]، أو يصور المخاطب كونه قبل القول فيصح له استقبال إذا أو يراد بإذا الاستمرار فيفيد الاستحضار نظرا إلى الاستمرار كقوله تعالى: { وإذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا } [البقرة: 14، 76]، والضرب فى الأرض السفر فيها، والإبعاد عند بعض، ولا يتم إذ لا يختص بالإبعاد فى الآية شرط، ولا يصح تفسير الأرض بما يشمل البحر، إذ لا سير فى البحر إلا على الجمع بين الحقيقة والمجاز، أو عموم المجاز، وهو مطلق الذهاب عن الأهل { أو كانوا غزى } فقتلوا بدليل قوله عزوجل، وما قتلوا، والمفرد غاز، وزنه فعل كراكع وركع، قلبت لواو ألفا، لأنها تحركت بعد فتح، فحذف للساكن بعدها، وهو التنوين، والقياس فيه غزاة كقضاة، بوزن فعله بضم ففتح لإعلال اللام { لو كانوا عندنا } لم يسافروا ولم يغزوا { ما ماتوا وما قتلوا } والموت أعم من القتل، إذ يكون بلا قتل وبه، وقدم لأنه يكون فى إقامة وذهاب، والغزو يكون بالذهاب، كما ذهب المسلمون من المدينة إلى أحد { ليجعل الله حسرة فى قلوبهم } اللام متعلق بقالوا، وهى لام المآل لا التعليل، لأنهم قالوا ذلك للتثبيط عن الجهاد، لا ليكون ذلك حسرة، ولكن مآله الحسرة، وهى أشد الندم والإشارة إلى الظن: إذ ظنوا أنهم لو حضروا لكانوا أحياء، أو إلى النطق والاعتقاد المدلول عليه بالقول، أو إلى النهى والانتهاء، والمعنى لا تعتقدوا أيها المسمون ذلك الذى اعتقده الكفار، ولا تقولوه كما اعتقدوه وقالوه، ووجه التحسر اعتقاد أن الموت أو القتل بسبب تقصيرهم فى المنع من السفر والغزو، وأيضا إذا قالوا ذلك وسمعهم قرابة المقتول تحسر هؤلاء القرابة، وربما قاله بعض المؤمنين الضعفاء فتسمعهم الأقارب فيتحسرون، وإذا ألقوا مثل هذه الشبهات على أقوياء المسلمين ولم يلتفتوا إليها ضاع كيدهم فتحصل لهم حسرة، وأيضا إذا رأوا يوم القيامة نجاة المجاهدين وفضلهم وكراماتهم على إيمانهم وجهادهم تحسروا، وأجيز تعلق اللام بلا تكونوا، أى لا تكونوا مثلهم فى قول ذلك، ليختصوا بالحسرة، فتزداد شدة، بخلاف ما لو قالوا، ولا ضعف فى ذلك وهذا كقولك، ولا تعص بتدخل الجنة، أى اترك العصيان لتدخلها { والله يحيى } من أراد حياته ولو ضرب فى الأرض أو غزا أو مرض مرضا لا يرجى معه أو اقتحم الشدائد { ويميت } من أراد موته ، ولو قعد ولم يغز ولم يمرض ولم يقتحم شدة، وروح كل حى يقبضها الله بالخلق وملك الموت بالمباشرة، وزعمت المعتزلة أن ملك الموت يقبض أرواح الثقلين فقط، وبعض أهل البدعة يقولون: يقبض كل حى إلا أرواح البهائم فإن أعوانه يقبضونها، والحق أن الله يقبض الكل، الله يتوفى الأنفس، أى يخلق الموت، ومعنى يتوفاكم لك الموت يباشره { والله بما تعملون بصير } تهديد للذين أمنوا أن يعتقدوا أو يقولوا مثل ما قال الذين كفروا فإن الله جل وعلا بصير بذلك القول واعتقاده وما يترتب عليهما.

[3.157]

{ ولئن قتلتم فى سبيل الله } قدم القتل لأنه أعظم ثوابا { أو متم } فى السفر إلى الجهاد، أو فى موطن الجهاد، أو فى الرجوع منه بلا قتل، والكسرة فى الميم دليل على كسر العين كخاف تخاف، وهو لغة فى مات يموت { لمغفرة من الله } لذنوبكم ن أى تجاوز عنها لموتكم فى سبيل الله، بقتل أو دونه، وهذا يناسب من يعهد الله خوفا من عقاب، ومن الله نعت لمغفرة ويقدر مثله فى قوله { ورحمة } جنة، أى منه: فإن رحمة من أسماء الجنة، أو تفضل بالإنعام، وهذا يناسب من يعبده طلبا للثواب، وأخرها لأن التحلى بعد التخلى، وزعم بعض أنه أشار إلى من يعبده إعظاما له، لا خوفا من عقاب، ولا قصدا للإنعام بقوله،

لإلى الله تحشرون

[آل عمران: 158]، ولا وجه له، إذ لا يدل الحشر على ذلك إلا أنه زعم أنه يحشر فيرى الله وهو اعتقاد فاسد، باطل منكر أو بقصد أن الحشر إلى الله بالموت أو بالبعث باب للقاء المحبوب سبحانه، ويناسبه اختيار تقديم مطلق الموت على القتل فى الآية بعد { خير مما يجمعون } فى الدنيا من مال وولد، وعز وجاه، وخدم وأعوان.

अज्ञात पृष्ठ