" كيف يفلح قوم خضبوا وجه نبيهم بالدم "
، وجعل يمسحه، أو هم أن يدعو عليهم ونهاه الله، وقيل، قال: اللهم العن أبا سفيان، اللهم العن الحارث بن هشام اللهم العن سهيل بن عمرو، اللهم العن صفوان بن أمية، وأيضا لما رأى ما فعلوا بحمزة من جدع أنفه وأذنيه ومذاكره هم أن يفعل فيهم ما هو أكبر من ذلك مما لم تسمع العرب مثله، ففى ذلك كله نزل قوله تعالى:
{ ليس لك من الأمر } الهلاك الدنيوى أو الأخروى، أو غيره { شىء } بل الأمر كله لله فاصبر ولا يتغير قلبك عليهم بما أصابك فى سبيل الله { أو يتوب عليهم } بتوفيق التوبة، كما تاب هؤلاء الأربعة الذين لعنهم وأسلم خالد { أو يعذبهم } على عدم التوبة بالنار والأسر، والغنم والقتل، والنصب للعطف على اسم خالص، وهو أمر، أو شىء، أى ليس لك من هلاكهم شىء، أو توبة الله عليهم، أو تعذيبه إياهم، او لا شىء تدخل فيه، لا توبة ولا تعذيب، ولا غيرهما، أخرج قلبك منهم بالكلية، أو بمعنى إلا أو إلى أن يتوب الخ غاية لقوله ليس، وليس إذا تاب أو عذب كان له من الأمر شىء، بل كقولك: لا أفعل كذا، إن شاء الله إلى أن أموت، أو إلى يوم القيامة مما لا يفعل بعد الموت أو القيامة، أو بمعنى إلا أن يتوب قسرا، أو يعذبهم فتشتفي، وذلك فى أحد بسبب المشركين وقل، فى أهل بئر معونة، أرسل إليهم أربعين أو سبعين رجلا، يعلمونهم القرآن والدين على أربعة أشهر من أحد، فاستصرخ عليهم عدو الله عامر بن الطفيل قبائل من سليم، وعصية، وزعل، وذكوان، فقتلوهم كلهم إلا كعب بن زيد، من بنى النجار، تركوه وفيه رمق، فقنت صلى الله عليه وسلم شهرا يلعنهم، فنزلت الآية، { فإنهم ظالمون } مستحقون التعذيب على ظلمهم أنفسهم وغيرهم بالشرك وغيره، فذكر المسبب بذكر السبب، أو ذكر السبب ليشعر بالمسبب، واحتج للتسمية بقوله:
{ ولله ما فى السماوات وما فى الأرض } من أجزائهن والحال فيهن وأهويتهن بالخلق والملك والربوبية { يغفر لمن يشآء } الغفران له بالتوفيق إلى التوبة { ويعذب من يشآء } تعذيبه بالخلان، وليس من الحكمة أن يدخل للكفار الجنة غير تائبين، أو أن يدخل المطيع النار ميتا على لاستقامة، وما ليس حكمة يوصف به الله تعالى، قال الحسن: يغفر لمن يشاء بالتوبة، ولا يشاء أن يغفر إلا للتائبين، ويعذب من يشاء ولا يشاء أن يعذب إلا المستوجبين للعذاب، ومثله قول عطاء: يغفر لمن يتوب عليه ويعذب من لفيه ظالما، ويدل لذلك تقييد الغفران بالتوبة فى غير هذه الآية { والله غفور رحيم } للمحسينن بالتوبة، وما يدريك لعلهم يتوبون، فلا تشتغل بالدعاء عليهم بالهلاك، فإن لم يتوبوا فلن يفوتوا الله.
[3.130]
{ يا أيها الذين ءامنوا لا تأكلوا الربآ } لا تتملكوه، ببيع أو شراء أو موالاة أو مؤاجرة، أو إصداق، أو إرث، أو قبول هبة، أو صدقة، أو هدية منه، وغير ذلك، فإن النفقة منه فى الجهاد وأنواع الخير لا تقبل، بل تزيد سوءا، وإنما هو من شأن المشركين، ينتفعون به، وهم معاقبون عليه { أضعافا } جمع ضعف، بمعنى مضاعف، أى مكرر،حال من الربا { مضاعفة } أجلا بعد أجل، كلما تم أجل ولم يقض ما عليه زاد فى الدين وزبد له فى الأحل، فقد يستغرق المال القليل بذلك مالا كثيرا، أو رهنا كثيرا بالغلق، وضعف الشىء مثله، فذلك اثنان، وضعفة أيضا مثلاه، فهما ثلاثة، وضعفاه أيضا أربعة، وذلك به خمسة، وعبارة بعض: تضعيف الشىء ضم عدد آخر إليه وقد يزاد، وقد ينظر إلى أول مراتبه لأنه للتيقن، ثم إنه قد يكون الشيء المضاعف مأخوذا معه فيكون ضعفا وثلاثة، وقد لا يكون فيكون اثنين، والصواب أن يقول فيكون بضعفيه ثلاثة، وذلك نهى عن واقعة، إذ كانوا يفعلون ذلك فى الجاهلية، وليس مخرجا عن التحريم للضعف الواحد أو القليل فإنه حرام أيضا، وهذا كقولنا: اللهم تقبل قليلا من أعمالنا، واعف عن كثير من ذنوبنا، أى عن كثير: هى ذنوبنا فإنه ليس للمخلوق بالنسبة إلى عظمة الله إلا قليل من العمل الصالح، ولو اجتهد كل الاجتهاد فيطلب قبوله كله، لا بعضه، وذنوب غير المعصوم كثيرة ويطلب غفرانها كلها إلا بعضها { واتقوا الله } بترك الربا المضاعف أضعافا وسائر المعاصى والربا المفرد { لعلكم تفلحون } لتفلحوا.
[3.131]
بالتحرز عما يفعلونه من الشرك والربا وسائر المعاصى، وهم مخاطبون بفروع الشريعة، والنار المعذب بها المشركون وغيرهم واحدة بالحقيقة، ولو اختلفت بزيادة الشدة على المشركين.
[3.132]
{ وأطيعوا الله والرسول } فى الأمر والنهى { لعلكم ترحمون } لترحموا فى الدنيا والآخرة.
अज्ञात पृष्ठ