السفك: اراقة الدماء. التظاهر: التعاون. الأثم، العدوان: تجاوز الحد في الظلم.
ذكّر الله بني اسرائيل في الآية السابقة بما أُمروا به من عبادة الله وحده والاحسان الى الوالدين وذوي القربى، وان يعاشروا الناس جميعًا بالحسنى. . ثم بيّن أنهم لم يطيعوا ما أُمروا به وتولَّوا وهم معرضون. وهنا يمضي السياق فيقص علينا عن حال اليهود، مواقفهم التي تجلى فيها العصيان ويذكّرهم بأهم الأمور التي نُهوا عنها وقد أخذ الله عليهم العهد باجتنابها.
والخطاب هنا لليهود في عهد النبي ﵊، فقد كانوا في المدينة ثلاثة أحياء: بنو قينقاع، وبنو النضير، حلفاء الخزرج، وبنو قريظة حلفاء الأوس. وكان العداء بين الأوس والخزرج مستحكما، فهم في أغلب الأحيان في حرب دائمة. اذ ذاك كان يقاتل كلُّ فريق مع حلفائه، فيقتل اليهودي أعداءه وبينهم اليهودي من الفريق الآخر.
وهذا حرام عليهم بنص ميثاق الله. وكانوا يخرجونهم من ديارهم اذا غُلب فريقهم وينهبون أموالهم ويأخذون سباياهم. وهذا حرام عليهم بنص ميثاق الله معهم. ثم اذا انتهت الحرب يَفدون الأسارى ويفكّون أسر المأسورين من اليهود، عملًا بحكم التوراة.
هذا هو التناقض الذي يواجههم القرآن، وهو يسألهم باستنكار شديد ﴿أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الكتاب وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ﴾؟ ان الكتاب ينص على تحريم القتل والاخراج من الديار وأنتم تنقضون ذلك. لذا فان الله يتوعدهم بالخزي في الحياة الدنيا، وأشد العذاب في الآخرة. وذلك أنه آثروا أعراض الدنيا الزائلة على نعيم الآخرة الدائم. فلن يخفَّف عنهنم عذاب جنهم، ولن يجدوا من ينقذهم منه.
القراءات:
قرأ عصام وحمزة والكسائي. «تظاهرون» بحذف احدى التاءين وقُرىء «تتظاهرون» بهما معًا. وقرأ حمزة «أسرى» جمع أسير كجريح وجرحى. وقرا ابن كثير وأبو عمرو وحمزة وابن عامر: «تفدوهم» وقرأ عاصم في رواية المفضل «تردون» بالتاء. وقرأ ابن كثير ونافع وعاصم في رواية ابن بكر وخلف ويعقوب «يعلمون» بالياء.
1 / 45