तैसीर मतालिब
تيسير المطالب في أمالي أبي طالب
शैलियों
واعلم يا بني أن من كانت مطيته الليل والنهار، فإنه يسار به وإن لم يسر، وإن الله قد أذن بخراب الدنيا وعمارة الآخرة، فإن تزهد فيما زهدتك فيه منها، ورغبت عما رغبت عنها؛ فأنت أهل لذلك، وإن كنت غير قابل نصيحتي فاعلم علما يقينا أنك لن تبلغ أملك، ولن تعدو أجلك، وإنك في سبيل من كان قبلك فاخفض يا بني في الطلب، واجمل في المكتسب، فرب طلب جر إلى حرب، وانظر إلى إخوانك الذين كانوا لك في الدنيا مؤانسين، ومعك لله ذاكرين متكاتفين، قد خلوا عن الدور، وأقاموا في القبور إلى يوم النشور، وكان قد سلكت مسلكهم ووردت منهلهم، وفارقت الأحبة، ونزلت دار الغربة، ومحل الوحشة، وجاورت جيرانا افترقوا في التجاور، واشتغلوا عن التزاور، فاعمل لذلك المصرع وهول المطلع، فيوشك أن تفارق الدنيا وتنزل بك العظمى، وتصير القبور لك مثوى، واعمل ليوم يجمع الله فيه الأولين والآخرين، ويجيء فيه بصفوف الملائكة المقربين حول العرش يجمعون على إنجاز موعد الآخرة، وزوال الدنيا الفانية، وتغير الأحوال، وتبدل الآمال من عدل القضاء وفصل الجزاء في جميع الأشياء.
पृष्ठ 148