कबूतरों की अंगूठी में स्नेह और मिलाप

इब्न हज्म d. 456 AH
169

कबूतरों की अंगूठी में स्नेह और मिलाप

طوق الحمامة في الألفة والألاف

अन्वेषक

د. إحسان عباس

संस्करण संख्या

الثانية

प्रकाशन वर्ष

١٩٨٧ م

﵀ ونحن في هذه الأحوال بعد العصر يوم السبت لليلتين بقيتا من ذي القعدة عام اثنتين وأربعمائة، واتصلت بنا تلك الحال بعده إلى أن كانت عندنا جنازة لبعض أهلنا فرأيتها - وقد ارتفعت الواعية - قائمة في المأتم وسط النساء في جملة البواكي والنوادب، فلقد أثارت وجدًا دفينًا وحركت ساكنًا، وذكرتني عهدًا قديمًا، وحبًا تليدًا، ودهرًا ماضيًا، وزمنًا عافيًا، وشهورًا خوالي، وأخبارًا توالي، ودهورًا فواني، وأيامًا قد ذهبت، وآثارًا قد دثرت، وجددت أحزاني، وهيجت بلابلي، على أني كنت في ذلك النهار مرزءًا مصابًا من وجوه، وما كنت نسيت، ولكن زاد الشجى وتوقدت اللوعة وتأكد الحزن وتضاعف الأسف، واستجلب الوجد ما كان منه كامنًا فلباه مجيبًا، فقلت قطعة منها: [من الطويل] يبكي لميت مات وهو مكرم ... وللحي أولى بالدموع الذوارف فيا عجبًا من آسف لامرئ ثوى ... وما هو للمقتول ظلمًا بآسف ثم ضرب الدهر ضربانه وأجلينا عن منازلنا، وتغلب علينا جند البربر، فخرجت عن قرطبة أول المحرم سنة أربع وأربعمائة، وغابت عن بصري بعد تلك الرؤية الواحدة ستة أعوام وأكثر، ثم دخلت قرطبة في شوال سنة تسع وأربعمائة، فنزلت على بعض نسائنا فرأيتها هنالك، وما كدت أن أميزها حتى قيل لي هذه فلانة - وقد تغير أكثر محاسنها وذهبت نضارتها، وفنيت تلك البهجة وغاض ذلك الماء الذي كان يرى كالسيف الصقيل والمرآة الهندية، وذبل ذلك النوار الذي كان البصر يقصد نحوه منبهرًا ويرتاد فيه متخيرًا وينصرف عنه متحيرًا، فلم يبق إلا البعض المنبئ عن الكل، والخبر المخبر عن الجميع، وذلك لقلة اهتبالها بنفسها وعدمها الصيانة التي كانت غذيت بها أيام دولتنا وامتداد ظلنا ولتبذلها في الخروج فيما لابد لها منه مما كانت تصان

1 / 252